الأمر الثاني: اختلاف وزان الحسد وأخويه مع الستة الأخرى لا يخفى ان وزان الثلاثة الأخيرة أعني الحسد وأخويه غير وزان الستة الأخرى فان الستة عناوين ثانوية وليس المراد رفع الآثار المترتبة على أنفسها، بل هي أسباب لرفع الآثار المترتبة على العناوين الأولية التي طرأت هي عليها، غاية الأمر انه قد أشير في أربعة منها إلى العنوان الأولى بكلمة (ما) واما الثلاثة الأخيرة فهي بأنفسها عناوين أولية ويكون المرفوع آثار أنفسها، ففي الستة يكون المنظور التخصيص أو التقييد ولو ظاهرا بالنسبة إلى الأحكام الثابتة للعناوين الأولية بسبب طرو هذه الطواري الستة، وفي الثلاثة يكون المنظور رفع أصل الحكم عنها بعد ثبوت اقتضائه فيها فان الحسد وكذا الطيرة والوسوسة كان كل منها مقتضيا لتشريع التحريم بالنسبة إليه فرفع ذلك منة من دون ان يكون هنا عنوان ثانوي يوجب طروه، الرفع.
الأمر الثالث: اختلاف وزان (ما لا يطيقون) و (ما أكرهوا) و (ما اضطروا) مع سائر الفقرات الظاهر، مخالفة وزان (ما لا يطيقون) للخمسة الأخرى أيضا لاختصاصه بباب الواجبات واختصاص (ما أكرهوا) و (ما اضطروا) بباب المحرمات بخلاف الثلاثة الأخرى: من الخطأ والنسيان وما لا يعلمون، لجريانها في كل البابين.
والسر في ذلك ان متعلق الطاقة والقدرة هي ماهية الفعل باعتبار إيجاده وما لا يطاق ليس هو الفعل بعد وجوده بل هو عبارة عما لا يقدر على إيجاده، فيكون المراد من رفع (ما لا يطيقون) رفع الوجوب أو المؤاخذة على ترك ما وجب بسبب عدم القدرة والطاقة على إيجاده.
وبعبارة أوضح، يختص قوله: (ما لا يطيقون) برفع الوجوب عما لا يقدر المكلف على إيجاده فان التحقيق عندنا كما نقحناه في محله، ان كلا من الأمر والنهي يتعلق بإيجاد الفعل، والفرق بينهما ان الامر يدل على البعث والنهي على الزجر، فالمتعلق في كليهما وجود الفعل، و هو يقع في الامر مصداقا للامتثال وفي النهي مصداقا للعصيان، ولا يخفى ان الاضطرار والاستكراه يتعلقان بالفعل ويوجبان تحققه و عدم الطاقة يتعلق بماهيته ويوجب تركه وعدم تحققه. فالمراد برفع الاضطرار والاستكراه رفع الأثر عما تحقق بسببهما ولا محالة يكون هو الحرمة والمبغوضية، والمراد برفع ما لا يطيقون رفع الأثر عن الفعل المتروك بسببه، ولا محالة يكون هو الوجوب و المحبوبية، ف (ما أكرهوا وما اضطروا) يختصان بباب المحرمات الصادرة بسببهما، و