وعلى هذا فيجب حمل المشتبهات في الحديث، على المشتبهات التي لا يتوقف كونها بالفعل مشتبهات أي محتملات للحرمة الفعلية، على إيجاب الاحتياط بهذا الحديث، فتنحصر في الشبهات قبل الفحص وفي أطراف العلم الاجمالي إذ في غيرهما لا تعقل الفعلية مع قطع النظر عن إيجاب الاحتياط حتى عند الاخباري لقاعدة القبح السابقة.
وبالجملة، فظاهر الحديث، كون الأمور ثلاثة مع قطع النظر عن هذا الحديث: الحرمة الفعلية والحلية الفعلية والشبهة الفعلية، أي محتملة للحلية الفعلية وللحرمة الفعلية، وعلى قول الاخباري يكون احتمال الحرمة الفعلية في المشتبهات بنفس هذا الحديث.
هذا مضافا إلى ما عرفت، ان الإمام عليه السلام استشهد بالحديث للخبرين المتعارضين، وهذا المورد أعم من أن يكون مفاد الخبرين الوجوب أو الحرمة أو غيرهما مع أن الاخباري لا يقول بالاحتياط في الأعم، فيجب حمل الحديث على صورة تنجز الواقع مطلقا ولو كانت الشبهة وجوبية وينحصر ذلك في الشبهة قبل الفحص وفي أطراف العلم الاجمالي.
وكيف كان، فعمدة الدليل على عدم وجوب الاحتياط هو ما ذكرناه، من أنه لو وجب لما خفي إلى القرن الحادي عشر لعموم البلوى بمورده وقد عرفت ان القول بوجوبه مستحدث بحدوث الدخانيات.
ثم، ان كون مسألة الدخانيات أيضا من الشبهات الحكمية، قابل للخدشة إذ الدخانيات من الأمور المستحدثة التي لم تكن في عصر النبي صلى الله عليه وآله فنقطع بعدم تحريم النبي صلى الله عليه وآله إياها بعناوينها، بل لو فرضت حرمتها فإنما هي بانطباق عناوين محرمة عليها، فالشبهة فيها شبهة موضوعية.
4 - ومما توهم أيضا وروده على قاعدة القبح، العلم الاجمالي بوجود محرمات في ضمن الوقائع المشكوكة فيجب الاحتياط في أطرافه.
وفيه، أولا: النقض بالشبهات الوجوبية إذ لاحد ان يدعى العلم إجمالا بوجود واجبات في ضمنها ولا يقول بالاحتياط فيها الاخباري أيضا.
وثانيا: انحلال العلم الاجمالي، وتقريبه بوجهين ذكرهما في الكفاية:
الأول: انه كما علم بوجود تكاليف كذلك علم إجمالا بثبوت طرق وأصول معتبرة مثبتة لتكاليف بمقدار تلك التكاليف المعلومة أو أزيد.
الثاني: انه ينحل بما علم من ثبوت التكاليف الواقعية في موارد الطرق المثبتة بمقدار