إذا عرفت ما ذكرنا فنقول: ان العلم التفصيلي الحادث اما ان يتعلق بنفس العنوان الذي تعلق به العلم الاجمالي أو بأعم منه أو بأخص أو بعنوان اخر يباينه في عالم المفهومية.
فالأول: كما إذا علم إجمالا بنجاسة أحد الإناءين ثم علم تفصيلا بنجاسة الاحد المعين أو علم إجمالا بموطوئية أحد الغنمين ثم علم تفصيلا بموطوئية الاحد المعين.
والثاني: كما إذا علم إجمالا بموطوئية أحدهما ثم علم تفصيلا بحرمة الاحد المعين.
والثالث: كما إذا علم إجمالا بحرمة أحدهما ثم علم تفصيلا بموطوئية المعين.
والرابع: كما إذا علم إجمالا بموطوئية أحدهما ثم علم تفصيلا بمغصوبية الاحد المعين.
وأوضح صور الانحلال، الأول، ثم الثاني والثالث.
واما الرابع: فيشكل فيه القول بالانحلال إذ المغصوبية تستعقب حرمة أخرى وعقابا آخر وراء الحرمة والعقاب المترتبين على حيثية الموطوئية، فكل منهما يستعقب تكليفا مستقلا وقد علم بكل منهما فيتنجزان ومقتضى تنجزهما وجوب الاجتناب عن كلا الطرفين، ولو فرض ارتكابه لكليهما ترتب عليه عقوبتان وإن كان العنوانان مجتمعين في أحد الطرفين، فتدبر جيدا بل لاحد ان يشكك في الانحلال حتى في الصورة الأولى فضلا عن الثانية والثالثة، الا إذا كان العلم التفصيلي في الصورة الأولى ناظرا إلى ما تعلق به العلم الاجمالي بان يعلم تفصيلا ان هذا الاناء مثلا هو الذي علم نجاسته أولا، ففي غير صورة النظر يمكن منع الانحلال ولا سيما في الصورة الثالثة إذ العلم إجمالا بحرمة أحد الغنمين صار منجزا للتكليف بحيث تستحق العقوبة على ارتكاب ما هو المحرم منهما واقعا أيا ما كان، والعلم التفصيلي بموطوئية أحدهما تفصيلا لا يكفي في الانحلال إذ المنهي عنه وما هو المبغوض ليس هو عنوان المحرم بما هو محرم بل العناوين التي تعلق بها النهي كالموطوئية والمغصوبية ونحوهما، فالعلم إجمالا بحرمة أحدهما أوجب تنجز التكليف بالنسبة إلى ما هو المتعلق واقعا من المغصوبية والموطوئية ونحوهما، فلو فرض كون الحرمة المعلومة من جهة المغصوبية فالتكليف ثابت بالنسبة إليها و العلم تفصيلا بموطوئية المعين لا يكفي في رفع التنجيز الثابت بعنوان المغصوبية على فرض تحققها واقعا وصرف احتمال كون الحرمة المعلومة إجمالا ثابتة بسبب الموطوئية لا يكفي في رفع تأثير العلم الاجمالي. فتدبر.
هذا كله فيما إذا كان في قبال العلم الاجمالي علم تفصيلي، واما إذا كان في قباله أمارة تفصيلية فيجري فيه أيضا جميع الصور الأربع، و القدر المسلم من الانحلال فيها هو الصورة