الأئمة عليهم السلام بالآية لوجوب النفر للتفقه والتعليم والتعلم.
الوجه الثاني:
ان يقال كما قيل رعاية للسياق: ان المراد بالنفر هو النفر للجهاد والمراد انهم إذا لم يكونوا ينفرون بأجمعهم فلم لا ينفر بعضهم ليتفقهوا في الدين. والمقصود من تفقههم، اطلاعهم في ضمن الجهاد على آيات الله وغلبة المؤمنين مع قلة عددهم على المشركين مثلا، فيزدادوا بذلك إيمانا ويخبروا بذلك قومهم إذا رجعوا إليهم ليوجب نقل ذلك، زيادة الايمان فيهم أيضا.
ولا يخفى بعد هذا الوجه في نفسه وإن كان أقوى من الثالث فان المراد بالتفقه، هو البصارة في أحكام الله تعالى وحلاله وحرامه [1] هذا مضافا إلى أن الآية تدل على أن المقصود من الترغيب على النفر، هو حصول التفقه وليس المقصود في النفر للحرب، ذلك بل المقصود منه دفع المشركين.
الوجه الثالث:
وهو أبعد الوجوه، ان يقال: انه ليس للمؤمنين ان ينفروا بأجمعهم إلى الجهاد بل يجب على بعضهم ان يبقوا مع النبي صلى الله عليه وآله في البلد ليتفقهوا عنده ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم من الجهاد، فالمراد بالنفر هو النفر للجهاد وبالتفقه تفقه البعض المتخلف لا النافر، فكلمة (ما) على هذا التفسير، للنهي، والضمير في قوله (ليتفقهوا) راجع إلى البعض المقدر الذي دل عليه تخصيص النفر بطائفة منهم.
ولا يخفى بعد هذا الوجه ومخالفته لظاهر الآية من وجوه:
الأول: ان لازم هذا الوجه، كون كلمة (ما) للنهي وذلك لا يناسب ذكر اللام بعده.
الثاني: ان النهي عن نفر الجميع انما يحسن فيما إذا استعد الجميع للنفر فأريد بالنهي زجرهم عن ذلك ومعلوم ان الامر لم يكن كذلك، خصوصا في السرايا التي لم يحضرها النبي صلى الله عليه وآله بشخصه كما هو المفروض على هذا الوجه، بل ربما لم يتهيئوا للخروج بعد التحريضات والترغيبات الكثيرة، فليس المقام مقام الزجر عن نفر الجميع وطلب البقاء من بعضهم.
الثالث: ان الظاهر من قوله: (لولا نفر) التوبيخ على ترك النفر لا ترك التخلف والبقاء.
[1] لقائل ان يقول: بناء على هذا التفسير، ان المراد بالتفقه ليس هو الاطلاع على آيات الله، بل على حلاله وحرامه فان الناس إذا نفروا مع النبي أو الوصي إلى الجهاد صار ذلك سببا لمزاولتهم معه مدة مديدة فيستفيدون أحكام الله وحدوده كما يشاهد ذلك في الاشخاص المزاولين لأهل العلم كثيرا فان ذلك سبب لبصارتهم في أحكام الله تعالى ح - ع - م.