الأول: ان إطلاقات أدلة حجية الخبر تنصرف عن الأخبار المشتملة على الوسائط.
وفيه ان الخبر المشتمل على الوسائط ينحل إلى إخبارات متعددة مستقلة، لكل منها حكمه فإخبار (الشيخ) مثلا عن اخبار (المفيد) مصداق مستقل، واخبار (المفيد) عن اخبار (الصدوق) مثلا مصداق آخر وهكذا إلى الامام، فليس الخبر على قسمين خبر بلا واسطة و خبر مع الواسطة حتى يدعى انصراف الاطلاقات عن الفرد الثاني، فان ما يطلق عليه انه خبر مع الواسطة ليس بحسب الحقيقة مصداقا واحدا لطبيعة الخبر بل مصاديق متعددة.
الثاني: ان في قولنا: روى الشيخ عن المفيد عن الصدوق مثلا، اخبار الشيخ لنا محرز بالوجدان فتشمله آية النبأ واما اخبار المفيد وغيره إلى الإمام عليه السلام فليس بمحرز حتى تشمله الآية.
فان قلت: بعد حجية اخبار الشيخ يصير اخبار المفيد محرزا بالتعبد، إذ ما أخبر به الشيخ عبارة عن اخبار المفيد.
قلت: فعلى هذا يلزم الدور فان الموضوع مقدم على حكمه والفرض فيما نحن فيه توقف الموضوع على الحكم. وبعبارة واضحة: فعلية قوله: صدق العادل مثلا، تتوقف على تحقق موضوعه وهو اخبار المفيد والفرض توقف ذلك أيضا على فعلية الحكم وشموله لخبر الشيخ.
والجواب عن ذلك بوجهين: الأول: ان قوله (صدق)، ينحل إلى أحكام متعددة بعدد الموضوعات، وعلى هذا فالموقوف على اخبار المفيد، غير ما توقف عليه إحراز اخبار المفيد.
الثاني: ان اخبار المفيد ليس بوجوده الخارجي متوقفا على شمول (صدق) لقول الشيخ وانما يتوقف عليه إحرازه والعلم به فما هو المتوقف على قوله (صدق) هو اخبار المفيد بوجوده العلمي وما يتوقف عليه الحكم هو الموضوع أعني اخبار المفيد بوجوده الخارجي فلا دور. الثالث: من وجوه الاشكال، ان التعبد بوجوب العمل على وفق الامارة، انما يصح فيما إذا كان مؤداها بنفسه حكما شرعيا عمليا أو موضوعا ذا حكم كذلك، وهذا واضح، وعلى هذا فشمول قوله: (صدق) لاخبار الشيخ يتوقف على كون ما أخبر به الشيخ أعني به اخبار المفيد ذا أثر شرعي والفرض انه لا أثر لاخبار المفيد الا نفس وجوب التصديق، فيلزم الدور، لان قوله:
صدق يتوقف على كون المخبر به ذا أثر وكونه كذلك يتوقف على قوله: (صدق).
والجواب عنه، يظهر بما عرفت من انحلال قوله: (صدق) بعدد الموضوعات.
الرابع: ولعله أصعب الوجوه ان شمول (صدق) لاخبار المفيد يتوقف على إحراز خبر المفيد توقف الحكم على موضوعه وإحراز خبر المفيد يتوقف على شمول قوله: (صدق) لاخبار الشيخ،