2 - من كان شأنه استنباط الأحكام الشرعية من مداركها من الكتاب والسنة والاخبار المروية عن الأئمة عليهم السلام ثم الافتاء للجاهلين بما استنبطه، فما يصدر منه هو الفتوى بما هو حكم الله تعالى في نظره لا صرف نقل الخبر وحكايته بنحو سمعه بلفظه أو بمعناه، ويعبر عن هذا الاستنباط بالتفقه، غاية الأمر، ان الاستنباط في زمن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام كان أسهل بالنسبة إلى زماننا لقربهم من الأئمة عليهم السلام واطلاعهم على ما هو حكم الله في نظر الامام وعلى كيفية صدور الاخبار المتعارضة، واما في زماننا فتعسر امر الاستنباط والاجتهاد لكثرة الاخبار المتعارضة وكثرة وسائطها وخفأ جهات اختلافها فيتعسر استنباط ما هو حكم الله في نظر الإمام عليه السلام منها. ولكن هذا المعنى لا يوجب اختلافا في معنى التفقه والاستنباط، فقد كثر في زمنهم عليهم السلام الفقهاء العالمون باحكام الله وجهاته والمطلعون على فتوى الأئمة عليهم السلام بحيث كانوا يشيرون إلى من روى رواية من الإمام عليه السلام مخالفة لفتواه الواقعي ظاهرا بأنك قد أعطيت من جراب النورة. كما اتفق بالنسبة إلى رجل سأله عليه السلام عمن مات وتخلف منه بنت وعصبة فأجابه الإمام عليه السلام (بان نصف التركة للبنت)، فأشار الصحابة إليه بان المال كله، للبنت فأعطاها كله ثم سئل الإمام عليه السلام بعد ذلك فقرر ذلك.
3 - من كان من شأنه التحديث والرواية بان يسمع من أحد كلاما فيحكيه لغيره وربما لا يكون الراوي عالما بمضمونه أيضا وقد ورد:
(رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه).
والفرق بين الراوي والفقيه مما لا يكاد يخفى، فان الفقيه انما يحكى عن رأيه وعقيدته وإن كان الخبر مثلا مأخذا لعقيدته، واما المحدث الراوي فيحكي عما سمعه بلفظه أو بمعناه. فان دأب كثير من الصحابة كان نقل خصوص الألفاظ وبعضهم كان يروى بالمعنى فلذلك نشاهد الاختلافات في بعض الروايات وقد اضطربت اخبار بعض هذه الطائفة مثل اخبار (عمار) و (يونس بن عبد الرحمن) نعم:
ربما يتصادقان بان يروى الفقيه في مقام إظهار العقيدة والفتوى، الخبر المطابق لمعتقده فيجتمع الحيثيتان كما هو الأغلب في كثير من أصحاب الأئمة عليهم السلام ولكنه مع ذلك يكون لكل حيثية حكمها، فما يرويه هذا الراوي حجة لمن له قوة الاستنباط من حيث الرواية لا من حيث الافتاء، كما أن حيثية الوعظ والرواية وكذا الوعظ والافتاء أيضا يمكن اجتماعهما ويترتب على كل حيثية، حكمها.
إذا عرفت هذا فنقول: ان ظاهر الآية، وجوب نفر الطائفة من كل فرقة للتفقه وهو وان