الجملة.
الثاني: ان المقصود من الآية بيان طريق ووسيلة لوصول الاحكام إلى الجاهلين وليست بصدد بيان وجوب العمل بكل ما أخبر به أحد و على هذا فتعين العمل بخصوص ما أحرز كونه من أحكام الله تعالى.
الثالث: ان الآية تدل على حجية قول الفقيه والمفتي بالنسبة إلى مقلديه لا على حجية قول الراوي والمحدث وحيثية الافتاء غير حيثية التحديث وان اتفق اجتماعهما في بعض الأوقات.
ومال الاشكالين الأولين إلى واحد، غاية الأمر ان المدعى في الأول التقييد بالعلم من باب القدر المتيقن من جهة عدم إمكان التمسك بالاطلاق وفي الثاني تعين التقييد من جهة كون المقصود إيجاب الحذر والعمل بما هو حكم الله لا بكل شي.
ثم إنه قد ظهر مما ذكرنا، ورود الاشكال الثالث من جهة دلالة كلمة التفقه أيضا. واما الأول، فيمكن تقريبه أيضا بالاخبار الكثيرة [1] الواردة في تطبيق الآية على وجوب النفر لمعرفة الامام ونحوها، واما الثاني، فقد عرفت منا سابقا إشكال الالتزام به، فان الآية وان دلت على وجوب الحذر والعمل باحكام الله لا بكل شي ولكنها بصدد بيان طريق ووسيلة لاحراز الاحكام وقد دلت على أن طريقه بعد تعذر نفر الجميع، ينحصر في نفر طائفة منهم إلى المراكز العلمية ليتفقهوا ويطلعوا على حلال الله وحرامه فينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم، فالطريق لاحراز الاحكام بالنسبة إلى المتخلفين ينحصر في قول المنذرين ومن الواضحات عدم طريق اخر للمتخلفين ليحصل لهم بسببه العلم بقول المنذرين، ولو فرض وجود وسيلة أخرى فهي بنفسها طريق لهم إلى الاحكام ولا يحتاجون معه إلى قول المنذرين.
ولا يحتمل اشتراط كون الطائفة النافرة بحد يحصل من قولهم العلم إذ يبعد جدا وصول الطائفة النافرة من كل فرقة إلى حد التواتر [2 [ ولو فرض تحقق ذلك فيبعد جدا رجوعهم جميعا للانذار ليحصل من أقوالهم العلم ولو فرض وقوع ذلك فهو في غاية الندرة ولا يفي ذلك بإيصال الاحكام إلى العباد فاشتراط حصول العلم يستلزم نقض الغرض الذي لأجله وجب النفر.
[1] و قد جمعها في تفسير البرهان في مقام تفسير الآية، فراجع ح - ع - م.
[2] لقائل ان يقول: ان بلوغ العدة النافرة إلى حد التواتر دفعة نادر ولكنه يكثر جدا بلوغها إلى هذا الحد تدريجا، الا ترى ان أكثر الناس عالمون بفتاوى مراجع التقليد من جهة كثرة أهل العلم وذهابهم وإيابهم فبالتدريج يحصل للسامعين العلم ح - ع - م.