مخاطبا للكفار (ائتوني بكتاب من قبل هذا أو إثارة من علم أن كنتم صادقين). وقوله: (قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا ان تتبعون الا الظن). وغير ذلك من الآيات، فان المراد بالعلم في الآيتين، مدارك مأثورة واصلة إليهم من الاسلاف لا القطع كما لا يخفى، فالمراد بالعلم هو الحجة العقلائية.
الثاني: ان خبر (زرارة) مثلا إذا حكى عن حرمة شي مثلا فالحكم الظاهري في حق المكلف بعد ما قام الدليل على وجوب الاخذ بالخبر ليس هو محكي الخبر، بل ما دل عليه لسان دليل الحجية وهو وجوب الاخذ والعمل بالخبر والمكلف يعمل به لا بما انه خبر (زرارة)، بل بما انه حجة قام الدليل القطعي على حجيته، فمتابعته متابعة للعلم لا لغيره.
وبعبارة أخرى، الآيات الناهية قد دلت على حرمة متابعة غير العلم وحينئذ، فإن لم يقم لنا دليل علمي على حجية الخبر لم نعمل به ولم نتابعه، وان قام على حجيته دليل علمي فعلمنا بالخبر، ليس بما انه خبر، بل بما انه معلوم الحجية، ففي الحقيقة تكون متابعتنا متابعة لدليل الحجية فلا تشملها الآيات الناهية ويكون دليل الحجية واردا عليها.
والفرق بين التخصص والورود، بعد اشتراكهما في كون الخروج خروجا حقيقيا عن موضوع الحكم، ان الخروج في التخصص ثابت مع قطع النظر عن حكم الشارع أيضا كما في خروج زيد الجاهل المنهي إكرامه، عن عموم إكرام العلماء، فان زيدا كان خارجا عن العموم حقيقة مع قطع النظر عن الحكم بحرمة إكرامه أيضا، واما الخروج في الورود، فإنما هو بمعونة حكم الشارع وإن كان الخروج حقيقيا، كما فيما نحن فيه، فإنه لو لم يكن الحكم بوجوب متابعة الخبر ثابتا لما كان متابعته خارجة عن عموم الآيات الناهية ولكنه بعد ما ورد دليل قطعي على وجوب متابعته صار متابعته من حيث إنه متابعة لدليل الحجية، خارجة عن العموم حقيقة.
واما الاخبار، فأكثرها ناظرة إلى رد الاخبار المدسوسة في اخبارهم عليهم السلام فان كثيرا من المخالفين ومن ضعفة الشيعة و عوامهم، قد دسوا في اخبار الأئمة عليهم السلام وكان غرض المخالفين إفضاح الأئمة عليهم السلام، فلذلك كانوا يجعلون اخبارا مخالفة للكتاب والسنة أو العقل وينسبونها إليهم عليهم السلام، فإذا قطعنا النظر عن هذا القسم منها صار غيره نازلا عن حد التواتر، فلا يقاوم أدلة الحجية،