الحكم للمخصص مشكوكا فيها تكون فرديته لما هو المراد جدا من العام أيضا مشكوكا فيها، فلا يتمسك بواحد منهما لاثبات حكمه وإن كان كل منهما في إثبات الحكم الكلي حجة.
فإن قلت: بعد ما كان الفرد المشكوك فيه مرادا في ضمن العام بالإرادة الاستعمالية نتمسك بالقاعدة العقلائية لاثبات حكمه، فإنهم يحكمون بتطابق الإرادة الجدية للاستعمالية، ما لم يظهر الخلاف.
قلت: إن أردت بما ذكرت إثبات الحكم للفرد المشكوك فيه بما هو مشكوك الحكم حتى يصير حكما ظاهريا، ففيه: أن الحكم الظاهري متأخر عن الحكم الواقعي بمرتبتين، فلا يمكن أن يتكفل قوله أكرم العلماء بوحدته لحكمين طوليين.
وإن أردت بما ذكرت إثبات الحكم للفرد المشكوك فيه، لا بما هو مشكوك فيه، بل بما أنه فرد من افراد العام حتى يكون حكما واقعيا، ففيه: أن المفروض خروج أفراد المخصص رأسا من حكم العام، لكونه حجة أقوى بالنسبة إلى كل ما هو فرد واقعي للفاسق مثلا، وبعد ما حصل العلم بمخالفة الإرادة الجدية للاستعمالية في كل ما هو فرد واقعي للمخصص كيف يمكن التمسك بأصالة التطابق في الفرد المشكوك فيه لاثبات حكمه الواقعي؟ فتدبر دليل آخر لجواز التمسك ونقده:
ربما يستدل لجواز التمسك بالعمومات في الشبهات المصداقية بوجه آخر، وحاصله: أن لقوله:
أكرم العلماء مثلا عموما أفراديا يشمل به كل فرد من أفراد العالم، و إطلاقا أحواليا بالنسبة إلى جميع الحالات الطارئة للموضوع، فيشمل بسببه معلوم العدالة ومعلوم الفسق ومشكوكهما، ويكون حجة في جميعها لولا المخصص، وأما المخصص فهو حجة أقوى على خلاف العام في خصوص معلوم الفسق، فيبقى معلوم العدالة و مشكوكهما باقيين تحته لعدم حجية الخاص بالنسبة إليهما (انتهى).
أقول: قد وقع الخلط من هذا المستدل من جهة عدم إحاطته بمعنى الاطلاق، وسيأتي تفصيله في مبحث المطلق والمقيد.
وإجماله: أن الاطلاق عبارة عن كون حيثية الطبيعة تمام الموضوع للحكم وعدم دخالة حيثية أخرى فيه، وبعبارة أخرى: الاطلاق عبارة عن لحاظ حيثية الطبيعة بوحدتها موضوعة للحكم بحيث يكون النظر مقصورا على ذاتها وتكون مرسلة بالحمل الشائع عن جميع القيود كما يدل