لأنا نقول: الغيبة والحضور لا تأثير لهما في السببية، فإنا نعلم أن اللفظ لما كان سببا في البينونة استوى إيقاعه من الغائب والحاضر. وكذا الكتابة لو كان سببا لتساوي الحالان فيها، مع أن في روايتنا ترجيحا بسبب موافقة الأصل وتأييدها (1) بالنظر والشهرة في العمل.
مسألة: قال الشيخ في النهاية: إذا وكل الرجل غيره بأنه يطلق عنه لم يقع طلاقه إذا كان حاضرا في البلد، فإن كان غائبا جاز توكيله في الطلاق (2).
وتبعه ابن حمزة (3)، وابن البراج (4).
وأطلق ابن الجنيد فقال: ولا بأس بتوكيل الرجل غيره في طلاق زوجته ومخالعتها، وإذا أوقع الوكيل ذلك على ما رسمه له الزوج من السنة وقع.
وقال ابن إدريس: يقع الطلاق سواء كان الزوج حاضرا أو غائبا (5). وهو المعتمد.
لنا: أصالة صحة الوكالة وصحة الإيقاع، للصيغة المشترطة في نظر الشرع، ووجود المقتضي وهو الصيغة، وانتفاء المعارض وهو عدم اشتراط المباشرة، إذ لا تعلق لغرض الشرع (6) في إيقاع هذا الفعل من مباشر دون غيره.
وما رواه سعيد الأعرج في الصحيح، عن الصادق - عليه السلام - في رجل يجعل أمر امرأته إلى رجل، فقال: اشهدوا أني قد جعلت أمر فلانة إلى فلان فيطلقها أيجوز ذلك للرجل؟ قال نعم (7).
وترك الاستفصال في الحال يدل على عموم المقال.