شيخنا أبي جعفر في مسائل خلافه فإنه ذهب إلى أنها مقدرة، ومبلغها مد وقدره رطلان وربع، واستدل بإجماع الفرقة وأخبارهم. وهذا عجيب منه - رضي الله عنه - والسبر بيننا وبينه، فإن أخبارنا لم يرد منها خبر بتقدير نفقة. وأما أصحابنا المصنفون فما يوجد لأحد منهم في تصنيف له تقدير النفقة إلا من قلده وتابعه، والدليل على أصل المسألة قوله تعالى: (وعاشروهن بالمعروف) أي بما يتعارف الناس، وأيضا الأصل براءة الذمة من التقدير، فمن ادعى شيئا بعينه فإنه يحتاج إلى دليل، ولا دليل عليه من كتاب ولا سنة ولا إجماع، والأصل براءة الذمة (1).
وقول ابن إدريس وإن كان جيدا لكن نسبة الشيخ إلى قول ما ليس بحق في غاية الجهل والحمق.
مسألة: قال الشيخ في المبسوط (2) والخلاف (3): إذا كان الزوج كبيرا والمرأة صغيرة أو بالعكس فلا نفقة. وتبعه ابن البراج في المهذب (4).
وقال ابن الجنيد: والتي لم يمكن وطؤها لصغرها وزوجها كبير أو صغير لا نفقة عليه ولا على وليه، إلا أن يشترط ذلك عليه. والتي يمكن وطؤها لبلوغها فلها النفقة سواء كان الزوج غير بالغ أو بالغا ممتنعا من الوطء إلا أن يكون وليها شرط ألا نفقة عليه حتى يبلغ إلى حال يصح وطؤه.
وقال ابن إدريس: الأولى عندي أن على الكبير النفقة لزوجته الصغيرة، لعموم وجوب النفقة على الزوجة ودخوله مع العلم بحالها، وهذه ليست ناشزة، والإجماع منعقد على وجوب نفقة الزوجات، ثم أمر بتأمل ذلك (5).