سقطت الدعوى، وكان الملك باقيا على حاله، ولم يحكم بثبوت عقد حتى يحكم بانفساخه.
وأما الشافعي القائل بالتحالف فقال: إذا تحالف المتعاقدان، ففي العقد وجهان:
أحدهما: أنه لا ينفسخ بنفس التحالف.
وفيه وجه آخر: أنه ينفسخ بالتحالف، كما ينفسخ النكاح بتحالف المتلاعنين. ولأن التحالف يحقق ما قالاه، ولو قال البائع: بعت بألف، فقال المشتري: اشتريت بخمسمائة، لم ينعقد، فكذا هنا (1).
قال القاضي أبو الطيب: الأول هو المنصوص للشافعي في كتبه القديمة والجديدة لا أعرف له غير ذلك؛ لأن البينة أقوى من اليمين، ولو أقام كل منهما بينة على ما يقوله، لا ينفسخ العقد، فاليمين أولى بعدم الفسخ. ولا يشبه اللعان؛ لأن قول الزوج يقطع النكاح، فقامت يمينه مقام طلاقه، بخلاف المتنازع (2).
مسألة 616: لو رجع أحدهما إلى قول الآخر، فإن كان قبل التحالف، حكم بمقتضى عقده. وإن كان بعد التحالف، فكذلك، فلو حلف أنه لم يبع الجارية وحلف المشتري أنه لم يشتر العبد ثم اعترف المشتري بصدق البائع، كان حكمه حكم ما لو حلف المنكر ثم كذب بيمينه. قال علماؤنا: اليمين قاطعة للدعوى، فإن جاء الحالف تائبا إلى الله تعالى ودفع ما حلف عليه، كان لصاحبه أخذه، فكذا يتأتى هنا.