لأنا نقول: الفرق ثبوت المنة في قبول الدين من الدافع إليه تبرعا، وهنا بخلافه.
وإن قلنا: له مخاصمة المشتري، فإن حلف، سقطت دعواه عنه، وأخذه الشفيع، وكانت العهدة على البائع. وإن نكل، حلف البائع، وثبت (1) الشراء، وطولب بالثمن، وكانت الشفعة عليه، والعهدة للشفيع.
وأما إن كان البائع يدعي البيع ويقر بقبض الثمن والمشتري ينكر، فهل تثبت الشفعة؟ قال بعض الشافعية: لا تثبت؛ لأنها لو ثبتت، لكان الشفيع يأخذه بغير عوض، وذلك لا يثبت له، كما لا تثبت له الشفعة في الهبة (2).
وقال بعضهم: تثبت الشفعة؛ لأنه قد أقر بالشفعة، فلزمه، ويأخذه الشفيع (3).
ويكون في الثمن ما تقدم (4) إما أن يأخذه المشتري أو يبرئ، وإما أن يحفظه الحاكم، وإما أن يبقى في ذمة الشفيع.
مسألة 774: لو أثبتنا الشفعة مع الكثرة - كما هو رأي بعض علمائنا والعامة (5) - إذا كانت دار بين أربعة، فباع أحدهم نصيبه من أجنبي فادعى المشتري على أحدهم أنه عفا، وشهد له الشريكان الآخران، قبلت شهادتهما إن كانا قد عفوا (6) عن الشفعة؛ لأنهما لا يجران بهذه الشهادة نفعا إلى أنفسهما. وإن لم يكونا قد عفوا، لم تسمع شهادتهما؛ لأنهما يجران