مذهبنا ومذهب المخالف ولم يبين أحد المذهبين من الآخر تبيينا جليا وإنما يحققه ويعرفه من اطلع على المذهبين معا وسبر قول أصحابنا وحصل خلافهم وما تقتضيه أصول مذهبهم وإلا فالقارئ فيه يخبط خبط عشواء.
قال شيخنا أبو جعفر الطوسي: إذا تحجر أرضا وباعها لم يصح بيعها، وفي الناس من قال: يصح، وهو شاذ، قال شيخنا: فأما عندنا فلا يصح بيعه لأنه لا يملك رقبة الأرض بالإحياء وإنما يملك التصرف بشرط أن يؤدى إلى الإمام ما يلزمه عليها، وعند المخالف لا يجوز لأنه لا يملك بالتحجر قبل الأحياء فكيف يبيع ما لا يملك قال محمد بن إدريس رحمه الله: وهذا يدلك أرشدك الله أن التحجر عند المخالف غير الأحياء وأن الأحياء غير التحجر وشيخنا جعل التحجر مثل الأحياء الذي قسمه المخالف إلى التقسيمات الأولة، ولا فرق عندنا بين التحجر الذي هو الآثار سواء كانت للدار أو للزراعة أو للحظيرة وبين الأحياء الذي يذهب إليه المخالف ويقسمه إلى ثلاثة أقسام: للدار والحظيرة والزراعة.
وأما المعادن فعلى ضربين: ظاهرة وباطنة، فالباطنة لها موضع نذكره إن شاء الله.
وأما الظاهرة فهي: الماء والقير والنفط والمومياء والكبريت والملح وما أشبه ذلك، فهذا لا يملك بالإحياء ولا يصير أحد أولى به بالتحجر من غيره وليس للسلطان أن يقطعه بل الناس كلهم فيه سواء يأخذون منه قدر حاجتهم بل يجب عندنا فيه الخمس ولا خلاف في أن ذلك لا يملك بالإحياء.
وأما المعادن الباطنة مثل الذهب والفضة والنحاس والرصاص وحجارة البرم وغيرها، مما يكون في بطون الأرض والجبال ولا يظهر إلا بالعمل فيها والمؤونة عليها فهل تملك بالإحياء أم لا؟ قيل: فيه قولان أحدهما أنها تملك وهو الصحيح وذلك مذهبنا والثاني قال المخالف: لا تملك، لأنه لا خلاف في أنه لا يجوز بيعه فلو ملك لجاز بيعه وعندنا يجوز بيعه بغير خلاف بيننا فإذا ثبت أنها تملك بالإحياء فإن إحياءه أن يبلغ نيله وما دون البلوغ تحجر وليس بإحياء فيصير أولى به وهذا عند المخالف، فأما عندنا لا فرق بين التحجر والأحياء.