هي من غير فرق بين المسجد وغيره ولكن الجزم به مشكل اللهم الا ان يستدل له باطلاق رواية أبي بصير الأولى وهو لا يخلو عن تأمل لجواز كونه جاريا مجرى الغالب من كون ذلك في المسجد فالقول بالاختصاص لا يخلو عن قوة وكيف كان فظاهر أغلب الأخبار المتقدمة سقوط الأذان والإقامة وعدم شرعيتهما خصوصا مع ما في الخبرين الأولين منها من المبالغة والتأكيد في المنع المنافي لكونهما عبادة وما في بعضها من التعبير بلفظ الاجزاء المشعر أو الظاهر في كون الترك رخصة لا يصلح صارفا لتلك الأخبار عن ظاهرها ولكن قد يعارضها موثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل عن الرجل أدرك الإمام حين سلم قال عليه ان يؤذن ويقيم ويفتتح الصلاة وخبر معاوية بن شريح عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال إذا جاء الرجل مبادرا والإمام راكع أجزأه تكبيره واحدة إلى أن قال من ادركه وقد رفع رأسه من السجدة الأخيرة وهو في التشهد فقد أدرك الجماعة وليس عليه أذان ولا إقامة ومن ادركه وقد سلم فعليه الأذان والإقامة وربما حملها بعض على صورة التفرق جمعا بينهما وبين غيرهما من الأخبار المتقدمة وفيه مالا يخفى فان صورة في لتفرق من أوضح المصاديق التي ينسبق إلى الذهن من السؤال الواقع في الموثقة حيث إنها موقع توهم التبعية للجماعة وبقاء حكمها من جواز الايتمام هذا مع امكان ان يقال إن المتبادر من التعبير بقوله أدرك الإمام حين سلم إرادة ادراك حال تشاغله بالسلام ولا أقل من عدم وقوع هذا التعبير غالبا الا عند إرادة فراغه من السلام بلا فصل والغالب عدم حصول التفرق بمجرد الفراغ فكيف يصح تنزيل الجواب على ارادته بالخصوص والحاصل ان الرواية ان لم تكن نصا فهي في غاية الظهور في مشروعية الأذان والإقامة لمن لم يدرك الصلاة جماعة وأوضح من ذلك دلالة عليه الرواية الثانية فإنها كادت تكون صريحة في ذلك فمقتضي الجمع بينهما وبين الأخبار المتقدمة حمل تلك الأخبار على الكراهة ولكن بالمعنى الذي التزمنا به في مبحث المواقيت للتطوع في وقت الفريضة مما لا ينافي استحبابه في حد ذاته ووقوعه عبادة وقد أوضحنا في ذلك المبحث ان مرجع النهي عن التطوع إلى الامر بالبدئة بالفريضة في وقتها فيكون التطوع في ذلك الوقت مرجوحا بالإضافة إلى تركه المجامع لفعل الفريضة لا مطلقا كي ينافي كونه عبادة ففي المقام أيضا كذلك كما يشير إلى ذلك خبر السكوني الذي وقع فيه النهي عن الأذان والإقامة والتطوع حتى يبتدء بصلاة الفريضة فكان المقصود بهذا حصول مرتبة من الاستتباع موجبة لادراك فضيلة الجماعة في الجملة كما تقدمت الإشارة إليه انفا ومما يؤيد هذا الحمل ما في بعض الأخبار المتقدمة من التعبير بلفظ الاجتزاء المشعر أو الظاهر في كون الترك رخصة لا عزيمة وربما يحتمل ان يكون المقصود بالأذان في خبر أبي علي الذي ورد فيه الامر بمنعه أشد المنع هو خصوص الأذان لا الأعم منه ومن الإقامة بان يكون المراد المنع عن الاتيان به على حسب ما يتعارف في الجماعات من الاعلان بالصوت ورفعه مخافة الالتباس والله العالم ثم إن أغلب اخبار الباب باجمعيها ما عدى خبر زيد ورد في المنفرد فلو لا التصريح بالسقوط عن الجامع في خبر زيد وكون القول بسقوطه عن المتفرد دون الجامع احداث قول ثالث لكان للتوقف في سقوطها عن الجامع مجال فالقول باختصاص السقوط بالجامع كما قواه المحقق البهبهاني في حاشية المدارك بل ربما استظهر من المشهور ضعيف اللهم الا ان يستدل له في الجامع بخبر زيد وبطرح سائر الروايات التي وردت في المنفرد مما دل على السقوط لابتلائها بمعارضة الخبرين الأخيرين المصرحين بالثبوت المعتضدتين بموافقة العمومات ولكنك عرفت ان الجمع بينهما بالحمل على الكراهة ممكن فهو أولى من الطرح فالقول بسقوطهما مطلقا من الجامع والمنفرد على كراهيته هو الأقوى وهل الجماعة الثانية التي اجتزت بأذان الأولى كالأول في سقوط الأذان عمن ورد عليهم أم لا وجهان من خروجها عن مورد الاخبار ومن انها لدى الاجتزاء بأذان الأولى كالأولى في كون صلاتهم بأذان وإقامة ولعل هذا هو الأقوى كما أن الامر كذلك بالنسبة إلى الجماعة الأولى لو اجتزوا باستماع أذان الغير فإنها وان كانت منصرفة عن مورد النصوص ولكن لا ينبغي التردد في اطراد الحكم بالنسبة إليها فإنه بعد ان جاز لهم الاجتزاء بأذان الغير يصير أذان الغير عند اجتزائهم به أذانهم فليس على من أدركهم حال الصلاة أو بعدها قبل تفرقهم ان يعيد الأذان بل يدخل معهم في أذانهم فليتأمل وهل السقوط مخصوص بمريد الجماعة فيه تردد من اطلاقات أدلته ومن امكان دعوى جريها مجرى الغالب المتعارف في تلك الأزمنة من الايتمام عند ادراك الجماعة كما ربما يستشعر ذلك من التعبيرات الواقعة في الاخبار فعلى الثاني لا يسقط عمن لم يقصد الجماعة وان وجدهم يصلون واما على الأول فيسقط عنه في هذا الفرض أيضا فإنه أولى بالسقوط فيستفاد حكمه من الأخبار المتقدمة بالفحوى فليتأمل وهل المدار في السقوط على تفرق الجميع بحيث يبقى السقوط مع بقاء الواحد أو على بقاء الجميع بحيث إذا مضى واحد يسقط السقوط أو على الأكثر تفرقا وبقاء أو على العرف في صدق التفرق وعدمه من غير ملاحظة شئ من ذلك أقوال صرح جماعة على ما حكاه عنهم في الجواهر بالأول لترك الاستفصال في خبر أبي علي وقول الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير فان وجدهم قد تفرقوا أعاد الأذان الخ كقوله في خبره الاخر وان كان تفرق الصف أذان واقام إذ المراد بالصف المصطفين فاعتبار تفرقهم يقتضي الاستغراق كضمير الجمع بمعنى انه لابد من افتراق كل واحد عن الاخر ومع بقاء الواحد مثلا معقبا لا يتحقق ذلك وفيه ما لا يخفى فان المتبادر عرفا من عدم تفرق الصف بقائه على هيئة في ضمن اشخاص المصلين ولذا زعم صاحب المدارك في عبارته المتقدمة التنافي بين خبر أبي علي وخبر أبي بصير حيث وقع السقوط في الأول معلقا على بقاء البعض وفي الثاني على عدم تفرق الصف المتوقف على بقاء جميع أهله ولكنك عرفت ان المتبادر من عدم تفرق الصف انما هو بقاء صورته عرفا وهو لا يتوقف على بقاء جميع أهل الصف بل يكفي فيه عدم وقوع الخلل المنافي لصورته كما أن المتبادر من تفرقهم الذي وقع في لسقوط معلقا عليه في خبره الاخر زوال ما هم عليه حال الصلاة من هيئة الجماعة عرفا ولا أقل من عدم ظهوره فيما ينافي خبره الأول واما خبر أبي علي فهو أيضا لا يأبى عن الحمل على ذلك بتقييده بما لا ينافي صدق بقاء الصف عرفا مع ما فيه من الضعف واحتمال إرادة المعنى الذي تقدمت الإشارة إليه انفا فالقول بان المدار على صدق عدم تفرق الصف عرفا هو الأظهر نعم ربما يستشعر من ذيل الخبر المروي عن كتاب زيد تعليق في لسقوط بخروج البعض عن المسجد ولكن الظاهر أن المراد بالبعض ليس مطلقه بل البعض الذي يكون خروجه ملزوما لحصول التفرق هذا مع ما فيه من الضعف والتشويش والله العالم ثم إن في المقام فروعا
(٢١١)