الموافقة لها واشتهارها بين الأصحاب وعملهم بمضمونها إلى غير ذلك من المؤيدات ولكن قد يعارضها طوائف من الاخبار منها الأخبار الخاصة الدالة على جوار الصلاة في جملة من الحيوانات التي لا يؤكل لحمها كالخز والسنجاب والفنك والثعالب والأرانب وغير ذلك الا ان عد مثل هذه الأخبار معارضة لما ذكر مسامحة فإنه ان صحت هذه الروايات الخاصة وسلمت عن معارض مكافؤ لخصص بها العمومات الدالة على المنع اللهم إلا أن يدعي كون تلك العمومات نصا في إرادة مورد الخاص كما ستسمع هذه الدعوى في كثير من تلك الموارد الخاصة ومنها جملة من الأخبار المتقدمة في السباع التي يظهر منها اختصاص المنع بالسباع وانها هي التي نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عنه دون غيرها ولا يمكن الجمع بينها وبين عمومات المنع بتخصيصها بالسباع لا بأنها عن ذلك نعم لا يأبى أغلب تلك العمومات عن الحمل على مطلق المنع الشامل للكراهة فيمكن الجمع بينها وبين الأخبار الدالة على الجواز في غير السباع بحمل المنع بالنسبة إلى ما عدى السباع على الكراهة ولكن يشكل ذلك في موثقة ابن بكير فإنها كادت تكون صريحة في البطلان كما انها بقرينة موردها صريحة في إرادة الأعم من السباع في الجملة فلا يمكن الجمع بينها وبين تلك الأخبار فلابد من الرجوع إلى المرجحات وهي مع الموثقة لموافقتها للمشهور ومخالفتها للجمهور فهي ابعد عن التقية لان مذهب العامة على ما نسب إليهم القول بالجواز في غير المأكول مطلقا فتلك الأخبار أيضا وان كانت مخالفة لهم في الجملة لكنها أقرب إليهم من الموثقة وكفى بمثل ذلك في مقام الترجيح كما تقرر في محله هذا مع ضعف تلك الأخبار في حد ذاتها من حيث السند لولا ادعاء انجبارها باستفاضتها واعتضاد بعضها ببعض المورث للوثوق بصدورها في الجملة فليتأمل ومنها صحيحة الحلبي المتقدمة النافية للباس عن الصلاة فيما سئله السائل وهو الفراء والسمور والسنجاب والثعالب وأشباهه وصحيحتا علي بن يقطين والريان بن الصلت المتقدمتان النافيتان للباس عن لبس جميع الجلود باستثناء الثعالب في الأخيرة ولكنك عرفت فيما سبق ان الأخيرتين لعدم صراحتهما في إرادة اللبس حال الصلاة وامكان ارادته من حيث هو لا في حال الصلاة لا تصلحان لمعارضة اخبار المنع واما الصحيحة الأولى فهي صريحة في الجواز حال الصلاة ومقتضى الجمع بينهما وبين الأخبار المانعة حمل تلك الأخبار على الكراهة ولا ينافي ذلك ما تقدم سابقا من أن مقتضى الجمع بين هذه الصحيحة وبين الأخبار المانعة عن السباع تخصيص الصحيحة بغير السباع لان شمول الصحيحة للسباع ليس بالنصوصية بل بواسطة عموم أشباهها القابل للصرف لو لم نقل بانصرافه في حد ذاته عن السباع فارتكاب التخصيص فيما أهون من حمل النواهي الكثيرة المتعلقة بالسباع على الكراهة وهذا بخلاف المقام فان المعارضة بينها وبين اخبار المنع من قبيل معارضة النص و الظاهر فيحمل اخبار المنع على الكراهة لكن قد أشرنا انفا إلى أن موثقة ابن بكير أبيه عن هذا الحمل فهي معارضة لهذه الصحيحة أيضا كغيرها من المذكورات والترجيح للموثقة كما ظهر وجهه فيما سبق وربما جعل بعض الاخذ بالصحيحة أرجح اما لزعمه عدم حجية الموثق فتسميته ترجيحا على هذا التقدير مسامحة أو لبنائه على أن الترجيح بصفات الراوي مقدم على الترجيح بالمرجحات الخارجة من تقييد ونحوها وفيه ما تقرر في محله من حجية الموثق خصوصا مثل هذا الخبر المعتضد بمعاضدات كثيرة تقدمت الإشارة إليها اجمالا واما الصحيحة فقد عرفت فيما سبق انه لابد من رفع اليد عن ظاهرها بالنسبة إلى السباع فهي بظاهرها غير معمول بها وارتكاب التأويل فيها بالحمل على إرادة ما عدى السباع و جعل مأولها دليلا لطرح الموثقة ليس بأولى من جعل الموثقة وغيرها من الأخبار العامة والخاصة الواردة في السباع وغيرها شاهدة لحمل الصحيحة على التقية بل هذا هو الأولى مع أن اعراض الأصحاب عن ظاهرها لو لم يسقطها عن الحجية فلا أقل من اخراجها عن صلاحية المكافئة للموثقة ولكن قد يشكل ذلك بكثرة ابتلاء الموثقة بالمعارضات فإنها مع معارضتها بما عرفت قد يعارضها كثير من الأخبار الخاصة الآتية وتلك الأخبار الخاصة وان كانت في خصوص مواردها معارضة بما يكافؤها أو يترجح عليها ولكن كثرة المعارضات تورث الوهن في الموثقة حيث يعلم اجمالا بصدور جل هذه الأخبار المتعارضة لولا كلها فينحصر محملها اما بتنزيل الأخبار الدالة على المنع على الكراهة وتنزيل ما فيها من الاختلاف على اختلاف مراتبها نظير الأخبار الواردة في البئر على عرفته في محله أو حمل الأخبار الدالة على الجواز عامها وخاصها بأسرها على التقية والأول وان كان في غاية البعد بالنظر إلى ظاهر الموثقة ولكن ارتكاب التأويل البعيد فيها بل طرحها بواسطة المعارضات أهون من حمل هذه الأخبار الكثيرة على التقية مع ما في أغلب تلك الأخبار من التفاصيل المنافية للتقية كما ستعرف فالجمع بين شتات الاخبار بالحمل على الكراهة من حيث هو لا يبعد ان يكون أقرب ولكن اعراض المشهور عن ظاهر اخبار الجواز بل اتفاق كلمتهم على المنع فيما عدى ما ستعرف على ما حكى عنهم بوجب أرجحية الحمل على التقية فالاخذ بظاهر الموثقة وغيرها من الأخبار الدالة على المنع عن الصلاة في جلد ما لا يؤكل لحمه في غير ما ورد فيه نص خاص على جوازه بلا معارض مكافؤ مما ستعرف مع أنه أحوط لا يخلو عن قوة وهل يفتقر استعماله في غيرها اي الصلاة إلى الدباغ قيل نعم وربما نسب هذا القول إلى الأكثر بل المشهور وقيل لا وهذا هو الأشبه ولكن على كراهية كما عرفت في أواخر كتاب الطهارة المسألة الثانية الصوف والشعر والوبر والريض مما يؤل لحمه طاهر سواء جزء من حي أو مذكى أو ميت وتجوز الصلاة فيه ولكن لو قلع من الميت غسل منه موضع الاتصال لو لم يستصحب شيئا من الاجزاء التي حل فيها الحياة والا أزيل منه ذلك الجزء ثم غسل موضعه لإزالة النجاسة العرضية التي اكتسبها بملاقات النجس برطوبة مسرية نعم لو فرض انفكاكه عن ذلك لم يجب الغسل واطلاق بعض الأخبار الدالة عليه كحسنة حريز المتقدمة في كتاب الطهارة جار مجرى الغالب وكذا ما لا تحله الحياة من الميت مما لم يكن هو في حد ذاته نجسا كالدم المنجمد تحت الجلد ونحوه فإنه ظاهر إذا كان حيوانه ظاهرا في حال الحياة وتجويز الصلاة فيه أيضا إذا كان مما يؤكل لحمه بعد غسله وإزالة ما عليه من النجاسة العرضية المكتسبة بملاقات الميتة أو استصحاب اجزائها كما يدل عليه اخبار كثيرة منها صحيحة حريز قال قال أبو عبد الله عليه السلام لزرارة ومحمد بن مسلم اللبن واللباء و البيضة والشعر والصوف والقرن والناب والحافر وكل شئ ينفصل من الشاة والدابة فهو ذكي وان اخذته منه بعد ان يموت فاغسله وصل فيه وما كان نجسا في حياته كالكلب والخنزير فجميع ذلك منه نجس على الأظهر وما حكى عن السيد رحمه الله من القول بطهارة ما لا تحله الحياة من نجس العين ضعيف وقد تقدم تحقيق ذلك كله في كتاب الطهارة ولا تصح الصلاة في شئ من ذلك ولا في غير ذلك مما حل فيه الحياة لو جعل لباسا أو جزء لباس إذا كان مما لا يؤكل لحمه ولو اخذه من مذكي عدى
(١٢٢)