عليه ان ما بين المشرق والمغرب قبلة بل لقائل ان يقول إن قوله إذا صليت وأنت على غير القبلة يتناول لفظ القبلة ما بين المشرق والمغرب انتهى فكان صاحب الحدائق لم يصل إلى كنه مرامه حتى أنه احتمل كون ما عنده من النسخة غلطا فقال بعد نقل كلامه معترضا عليه ما هذا لفظه ولا يخفى ما فيه اما الاستناد إلى الأصل كما ذكره فمعارض بان الأصل شغل الذمة بالعبادة وهذا أصل متقن لا مناص عنه فلا يحكم ببراءة الذمة الا بيقين مثله والاخبار هنا متعارضة كما عرفت والوقت باق والخطاب متوجه فلا يتيقن ببراءة الذمة الا بالإعادة في الوقت وهذا بحمد الله سبحانه ظاهر لا سترة عليه ولا يتطرق عليه الايراد من خلفه ولا من بين يديه واما منع التخصيص فلا يخفى ما فيه فاني لا اعرف لكلامه هنا وجه استقامة ولعل النسخة التي عندي لا تخلو من غلط ثم جدد المقال في تشييد الاستدلال زيادة على ما قدمه مما نقلنا ملخصه بما صورته ان صحيحة معاوية المشار إليها قد دلت على أن من صلى بظن البلة ثم تبين انحرافه إلى ما بين اليمين والشمال فقد صحت لان ما بين المشرق والمغرب قبلة وتبين الانحراف عن القبلة أعم من أن يكون في الوقت أو في خارجه فيمكن تقييد هذا العموم بما فصلته تلك الأخبار من أن من صلى إلى غير القبلة ثم تبين ذلك فإن كان في الوقت أعاد وان كان خارج الوقت فلا إعادة عليه بان يحمل على تبين الانحراف بعد خروج الوقت وحينئذ فيجب الإعادة في الوقت وان كان فيما بين اليمين واليسار وهذا بحمد الله سبحانه أيضا ظاهر لامرية انتهى وليت شعري بعد ان أعراف بدلالة الصحيحة على أن علة صحة الصلاة كون ما بين المشرق والمغرب قبلة فما معنى تقييد هذه الرواية بتلك الأخبار القائلة بان من صلى إلى غير القبلة أعادها مع مباينة موضوعيهما وكيف يمكن التقييد مع أن مقتضى هذه العلة في لمقتضى لإعادة الصلاة وكونها صحيحة في الوقت بحيث لو كانت الصحيحة واردة في خصوص ما بعد الوقت لكنا نقول بعدم الإعادة في الوقت أيضا بمقتضى العلة المنصوصة بل كيف تحمل على تبين الانحراف بعد خروج الوقت مع أن مقتضى عموم تلك الأخبار النافية للإعادة بعد الوقت التي خصص بها هذه الصحيحة في لفرق بين ما لو كانت الصلاة فيما بين المشرق والمغرب أو مستديرا للقبلة فكيف يتوجه التعليل حينئذ مع أن في لإعادة لا ينوط به ولولا وضوح فساد هذا الجمع واستلزامه طرح المعتبرة المستفيضة المتقدمة منطوقا أو مفهوما بلا مقتضى لبسطنا الكلام في بيان ما فيه من المفاسد بالنظر إلى كل واحد من الاخبار ولكن وضوح الحال اغنانا عن ذلك فظهر بما ذكرنا انه لا مجال للارتياب في أن لو تبين بعد الصلاة الخطأ وكان الانحراف يسيرا غير بالغ حد المشرق والمغرب لم يجب الإعادة لا في الوقت ولا في خارجه بل صحت صلاته والا اي وان لم يكن الانحراف يسيرا بل كثيرا بالغا حد المشرق والمغرب والمراد بالمشرق والمغرب في النصوص والفتاوي بحسب الظاهر كما صرح به غير واحد يمين القبلة وشمالها لا خصوص المشرق والمغرب أعاد في الوقت لا في خارجه يعني ان تبين الخطأ قبل خروج الوقت بحيث تمكن من إعادة الصلاة في الوقت ولو بادراك ركعة أعادها فان أهمل والحال هذه قضاها كغيره ممن أهمل الفريضة في وقتها بعد تنجز التكليف بها عمدا والا فقد مضت صلاته وقيل كما عن جملة من القدماء والمتأخرين بل عن بعض نسبته إلى المشهور ان بان انه استدبر أعاد وان خرج الوقت والأول أظهر حيث يشهد له جملة من الأخبار المعتبرة التي تقدمت الإشارة إليها منها صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا صليت وأنت على غير القبلة واستبان لك انك صليت وأنت على غير القبلة وأنت في وقت فأعد وان فاتك الوقت فلا تعد وصحيحة سليمان بن خالد قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الرجل يكون في قفر من الأرض في يوم غيم فيصلي لغير القبلة ثم يضحي فيعلم انه صلى لغير القبلة كيف يصنع قال إن كان في الوقت فليعد صلاته وان كان مضى الوقت فحسبه اجتهاده أقول فيه ايماء إلى اشتراط عدم كونه مبنيا على المسامحة وصحيحة يعقوب بن يقطين قال سئلت عبدا صالحا عن رجل صلى في يوم سحاب على غير القبلة ثم طلعت الشمس وهو في وقت أيعيد الصلاة إذا كان قد صلى على غير القبلة وان كان قد تحرى القبلة بجهة أتجزيه صلاته فقال يعيد ما كان في وقت فإذا ذهب الوقت فلا إعادة عليه وصحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله عليه السلام انه سال الصادق عليه السلام عن رجل أعمى صلى على غير القبلة فقال إن كان في وقت فليعد وان كان قد مضى الوقت فلا يعد قال وسألته عن رجل صلى وهي مقيمة ثم تجلت فعلم أنه صلى على غير القبلة فقال إن كان في وقت فليعد وان كان الوقت قد مضى فلا يعيد وخبر زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا صليت على غير القبلة فاستبان لك قبل ان تصبح انك صليت على غير القبلة فأعد صلاتك وهذه الرواية من مؤيدات القول بامتداد الوقت الاضطراري للعشائين إلى الصبح ورواية محمد بن الصين قال كتبت إلى عبد صالح الرجل يصلي في يوم غيم في فلاة من الأرض ولا يعرف القبلة فيصلي حتى إذا فرغ من صلاته بدت له الشمس فإذا هو قد صلى لغير القبلة أيعتد بصلاته أم يعيدها فكتب يعيدها ما لم يفته الوقت أو لم يعلم أن الله يقول وقوله الحق فأينما تولوا فثم وجه الله وما في ذيل الرواية مما يشهد بسقوط شرطية الاستقبال عند اشتباه القبلة وكفاية صلاة واحدة لكن يشرط العلم بالحكم كما في القصر والتمام وقد عرفت في محله عدم سلامتها عن المعارض وكيف كان فهذا غير قادح بمحل الاستشهاد وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال الأعمى إذا صار لغير القبلة فإن كان في وقت فليعد وان كان قد مضى الوقت فلا يعيد وقد عرفت ان مقتضى الجمع بين هذه الأخبار المتقدمة انفا انما هو حمل هذه الأخبار على ما إذا كان الانحراف كثيرا واصلا حد المشرق والمغرب وتقييد الإعادة المستفادة من تلك الأخبار مفهوما أو منطوقا عند الخروج عما بين المشرق والمغرب بالوقت بهذه الاخبار المصرحة بالتفصيل فتحصل من مجموع الاخبار بعد رد بعضها إلى بعض انه إذا كان الانحراف فيما بين المشرق والمغرب فقد مضت صلاته والا أعادها في الوقت لا في خارجه من غير فرق بين الاستدبار أو التشريق والتغريب فما حكى عن المشهور من الإعادة في خارج الوقت أيضا في صورة الاستدبار مما لم يتضح وجهه وربما ذكروا له بعض التوجيهات التي لا ينبغي الالتفات إليها في مقابل ما سمعت أقواها الاستشهاد له برواية معمر بن يحيى قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل صلى على غير القبلة ثم تبين له القبلة وقد دخل وقت صلاة أخرى قال يصليها قبل ان يصلي التي قد دخل وقتها الا ان يخاف فوت التي دخل وقتها وقوله عليه السلام في موثقة عمار المتقدمة وان كان متوجها إلى دبر القبلة فليقطع الصلاة ثم يحول وجهه إلى القبلة ثم يفتح الصلاة وعن النهاية
(١١٣)