كان للقرامطة علي بن طفج بدمشق ضريبة يؤدونها إليهم فلما ملك بن فلاح بدعوة المعز قطع تلك الضريبة وآسفهم بذلك فرجعوا إلى دمشق وعليهم الأعصم ملكهم فبرز إليهم جعفر بن فلاح فهزموه وقتلوه وملكوا دمشق وما بعدها إلى الرملة وهرب من كان بالرملة وتحصنوا بيافا وملك القرامطة الرملة وجهزوا العساكر على يافا وساروا إلى مصر ونزلوا عين شمس وهي المعروفة لهذا العهد بالمطرية واجتمع إليهم خلق كثير من العرب وأولياء بنى طفج وحاصروا المغاربة بالقاهرة وقاتلوهم أياما فكان الظفر بهم ثم خرج المغاربة واستماتوا وهزمهم فرحلوا إلى الرملة وضيقوا حصار يافا وبعث إليهم جعفر بالمدد في البحر فأخذه القرامطة وانتهى الخبر إلى المعز بالقيروان وجاء إلى مصر ودخلها كما ذكرناه وسمع أنهم يريدون المسير إلى مصر فكتب إلى الأعصم يذكره فضل بنيه وأنهم انما دعوا له ولآبائه وبالغ في وعظه وتهدده فأساء في جوابه وكتب إليه وصل كتابك الذي قل تحصيله وكثر تفصيله ونحن سائرون إليك والسلام وسار من الأحساء إلى مصر ونزل عين شمس في عساكره واجتمع إليه الناس من العرب وغيرهم وجاء حسان بن الجراح في جموع عظيمة من طيئ وبث سراياه في البلاد فعاثوا فيها وأهم المعز شأنه فراسل ابن الجراح واستماله بمائة ألف دينار على أن ينهزم على القرامطة واستحلفوه على ذلك وخرج المعز ليوم عينوه لذلك فانهزم ابن الجراح بالعرب وثبت القرامطة قليلا ثم انهزموا وأخذ منهم نحو ألف وخمسمائة أسير وساروا في اتباعهم ولحق القرامطة بأذرعات وساروا منها إلى الأحساء وقتلوا صبرا ونهب معسكرهم وجرد المعز القائد أبا محمود في عشرة آلاف فارس وساروا في اتباعهم ولحق القرامطة بأذرعات وساروا منها إلى الأحساء وبعث المعز القائد ظالم ابن موهوب العقيلي واليا على دمشق فدخلها وكان العامل بها من قبل القرامطة أبو اللجاء وابنه في جماعة منهم فحبسهم ظالم وأخذ أموالهم ورجع القائد أبو محمود من اتباع القرامطة إلى دمشق فتلقاه ظالم وسر بقدومه وسأله المقام بظاهر دمشق حذرا من القرامطة ففعل ودفع أبا اللجاء وابنه فبعث بهم إلى مصر فحبسوا بها وعاث أصحاب أبي محمود في دمشق فاضطرب الناس وقتل صاحب الشرطة بعضهم فثاروا به وقتلوا أصحابه وركب ظالم بذراريهم وأجفل أهل الضواحي إلى البلد من عيث المغاربة ثم وقعت في منتصف شوال من سنة ثلاث وستين فتنة بين العامة وبين عسكر أبى محمود وقاتلوه أياما ثم هزمهم وتبعهم إلى البلد وكان ظالم بن موهوب يدارى العامة فأشفق في هذا اليوم على نفسه وخرج من دار الامارة وأحرق المغاربة ناحية باب الفراديس ومات فيها خلق واتصلت الفتنة إلى ربيع الاخر من سنة أربع وستين ثم وقع الصلح بينهم على اخراج ظالم من البلد وولاية
(٥٠)