القرمطي الا الأحساء وعاد العزيز إلى مصر ورقى رتبة أفتكين وخص به الوزير يعقوب ابن كلس فسمه وسمع العزيز بأنه سمه فحبسه أربعين يوما وصادره على خمسمائة ألف دينار ثم خلع عليه وأعاده إلى وزارته وتوفى جوهر الكاتب في ذي القعدة من سنة احدى وثمانين وقام ابنه الحسن مقامه ولقب قائد القواد وكان أفتكين قد استخلص أيام وزارته بدمشق رجلا اسمه قسام فعلا صيته وكثر تابعه واستولى على البلد ولما انهزم أفتكين والقرامطة بعث العزيز القائد أبا محمود بن إبراهيم واليا على دمشق كما كان لأبيه المعز فوجد فيها قساما قد ضبط البلد وهو يدعو للعزيز فلم يتم له معه ولاية وبقي قسام مستبدا عليه إلى أن مات أبو محمود سنة سبعين ثم جاء أبو ثعلب بن حمدان صاحب الموصل إلى دمشق عند انهزامه أمام عضد الدولة فمنعه قسام من الدخول وخاف أن يغلبه على البلد بنفسه أو بأمر العزيز واستوحش أبو ثعلب لذلك فقاتله قليلا ثم رحل إلى مطرية وجاءت عساكر العزيز مع قائده الفضل فحاصروا قساما بدمشق ولم يظفروا به ورجعوا ثم بعث العزيز سنة تسع وستين سليمان بن جعفر بن فلاح فنزل بظاهرها ولم يمكنه قسام من دخولها ودس إلى الناس فقاتلوه وأزعجوه عن مكانه وكان مفرج بن الجراح أمير بنى طيئ وسائر العرب بأرض فلسطين قد كثرت جموع وقويت شوكته وعاث في البلاد وخر بها فجهز العزيز العساكر لحربه مع قائده بلتكين التركي فسار إلى الرملة واجتمع إليه العرب من قيس وغيرهم ولقى ابن الجراح وقد أكمن لهم بلتكين من ورائهم فانهزم ومضى إلى أنطاكية فأجاره صاحبها وصادف خروج ملك الروم من القسطنطينية إلى بلاد الشأم فخاف ابن الجراح وكاتب بكجور مولى سيف الدولة وعامله على حمص ولجأ إليه فأجاره ثم زحف بلتكين إلى دمشق وأظهر لقسام انه جاء لاصلاح البلد وكان مع قسام جيش بن الصمصامة ابن أخت أبى محمود قد قام بعده في ولايته فخرج إلى بلتكين فأمره بالنزول معه بظاهر البلد هو وأصحابه واستوحش قسام وتجهز للحرب ثم قاتل وانهزم أصحابه ودخل بلتكين أطراف البلد فنهبوا وأحرقوا واعتزم أهل البلد على الاستئمان إلى بلتكين وشافهوه بذلك فأذن لهم وسمع قسام فاضطرب وألقى ما بيده واستأمن الناس إلى بلتكين لأنفسهم ولقسام فأمن الجميع وولى على البلد أميرا اسمه خطلج فدخل البلد وذلك في المحرم سنة ثنتين وسبعين ثم اختفى قسام بعد يومين فنهبت دوره ودور أصحابه وجاء ملقيا بنفسه على بلتكين فقبله وحمله إلى مصر فأمنه العزيز وكان بكجور في غوية من غلمان سيف الدولة وعامله على حمص وكان يمد دمشق أيام هذه الفتنة والغلاء ويحمل الأقوات من حمص إليها ويكاتب العزيز بهذه الخدم ثم استوحش سنة ثلاث وسبعين من مولاه أبى المعالي
(٥٣)