القوط إلى الأندلس فساروا إليها وملكوها ولما أخذ الروم واللطينيون لبسالة النصرانية حملوا من وراءهم بالمغرب من أهل إفرنجة والقوط عليها فدانوا بها وكان ملوك القوط ينزلون طليطلة وكانت دار ملكهم وربما ما بينها وبين قرطبة وما ردة وإشبيلية وأقاموا كذلك نحو أربعمائة سنة إلى أن جاء الله بالاسلام والفتح وكان ملكهم لذلك العهد يسمى لزريق وهو سمة لملوكهم كجرجير سمة ملوك صقلية ونسب القوط وخبر دولتهم قد تقدم وكانت لهم حظوة وراء البحر في هذه العدوة الجنوبية حظوها من فرضة المجاز بطنجة ومن زقاق البحر إلى بلاد البربر واستعبدوهم وكان ملك البرابرة بذلك القطر الذي هو اليوم جبال غمارة يسمى بليان وكان يدين بطاعتهم وبملتهم وموسى بن نصير أمير العرب إذ ذاك عامل على إفريقية من قبل الوليد ابن عبد الملك ومنزله بالقيروان وكان قد أغزى لذلك العهد عساكر المسلمين بلاد المغرب الأقصى ودوخ أقطاره وأوغل في جبال طنجة هذه حتى وصل خليج الزقاق واستنزل بليان لطاعة الاسلام وخلف مولاه طارق بن زياد الليثي واليا بطنجة وكان بليان ينقم على لزريق ملك القوط لعهده بالأندلس لفعله بابنته في داره كما زعموا على عادتهم في بنات بطارقتهم فغضب لذلك وأجاز إلى لزريق فأخذ ابنته منه ثم لحق بطارق فكشف للعرب عورة القوط ودلهم على غرة فيهم أمكنت طارقا الفرصة فانتهزها لوقته وأجاز البحر سنة ثنتين وتسعين من الهجرة باذن أميره موسى بن نصير في نحو ثلثمائة من العرب وانتهب معهم من البربر زهاء عشرة آلاف فصيرهم عسكرا ونزل بهم جبل الفتح فسمى جبل طارق به والاخر على طريف بن مالك النخعي ونزل بمكان مدينة طريف فسمى به وأداروا الأسوار على أنفسهم للتحصين وبلغ الخبر لزريق فنهض إليهم يجر أمم الأعاجم وأهل ملة النصرانية في زهاء أربعين ألفا فالتقوا بفحص شريش فهزمه إليه ونفلهم أموال أهل الكفر ورقابهم وكتب طارق إلى موسى بن نصير بالفتح وبالغنائم فحركته الغيرة وكتب إلى طارق يتوعده بأنه يتوغل بغير اذنه ويأمره أن لا يتجاوز مكانه حتى يلحق به واستخلف على القيروان ولده عبد الله وخرج معه حسين بن أبي عبد الله المهدى الفهري ونهض من القيروان سنة ثلاث وتسعين من الهجرة في عسكر ضخم من وجوه العرب والموالي وعرفاء البربر ووا في خليج الزقاق ما بين طنجة والجزيرة الخضراء فأجاز إلى الأندلس وتلقاه طارق وانقاد واتبع وتمم موسى الفتح وتوغل في الأندلس إلى برشلونة في جهة الشرق وأربونة في الجوف وصنم قادس في الغرب ودوخ أقطارها وجمع غنائمها وجمع أن يأتي المشرق على القسطنطينية ويتجاوز إلى الشأم ودروب الأندلس ويخوض ما بينها من بلاد الأعاجم أمم
(١١٧)