كان الحكم قد قبض على عاملها ربيع وصلبه حيا لما بلغه من ظلمه وهلك الحكم اثر ذلك فتوافى المتظلمون من ربيع إلى قرطبة يطلبون ظلاماتهم ومعظمهم جند البيرة ووقفوا بباب القصر وشغبوا وبعث عبد الرحمن من يسكتهم فلم يقبلوا فركبت العساكر إليهم وأوقعوا بهم ونجا الفل منهم إلى البيرة وبالشر وتتبعهم عبد الرحمن وفى هذه السنة نشأت الفتنة بين المضرية واليمانية واقتتلوا فهلك منهم نحو من ثلاثة آلاف وبعث عبد الرحمن إليهم يحيى بن عبد الله بن خالد في جيش كثيف ليكفهم عن الفتنة فكفوا عن القتال لما أحسوا بوصوله ثم عاودوا الحرب عند مغيبه وأقاموا على ذلك سبع سنين وفى سنة ثمان أغزا حاجبه عبد الكريم بن عبد الواحد بن مغيث إلى ألبة والقلاع فحرب كثيرا من البلاد وانتسفها وفتح كثيرا من حصونهم وصالح بعضا على الجزية واطلاق أسرى المسلمين وانصرف ظافرا وفى سنة ثلاث عشرة انتقض عليه أهل ماردة وقتلوا عامله فبعث إليهم العساكر فافتتحوها وعاودوا الطاعة وأخذوا رهائنهم وخربوا سورها ورجعوا عنهم ثم أمر عبد الرحمن بنقل حجارة السور إلى النهر فعاودوا الخلال وأسروا العامل وأصلحوا سورهم فسار إليهم عبد الرحمن سنة أربع عشرة وحاصرهم فامتنعوا عليه ثم بعث العساكر سنة سبع عشرة فحاصرها فامتنعوا ثم حاصرها سنة عشرين وافتتحها ونجا فلهم مع محمود بن عبد الجبار منهم إلى ملت شلوط فاعتصم بها سنة عشرين ومائتين فبعث عبد الرحمن العساكر لحصاره فلحق بدار الحرب واستولى على حصن من حصونهم أقام بن خمسة أعوام حتى حاصره ادفونش ملك الجلالقة وافتتح الحصن وقتل محمود أو جميع أصحابه سنة خمس وعشرين وفى سنة خمس عشرة خرج بمدينة طليطلة هاشم الضراب من أهل واقعة الريض واشتدت شوكته واجتمعت له الخلق وأوقع بأهل شبت برية فبعث عبد الرحمن العساكر لقتاله فلم يصيبوا منه ثم بعث عساكر أخرى فقاتلوه بنواحي دورقة فهزموه وقتل هو وكثير من أصحابه واستمر أهل طليطلة على الخلاف وبعث عبد الرحمن ابنه أمية لحصارها فحاصرها مدة ثم أفرج عنها ونزل قلعة رياح وبعث عسكرا للإغارة عليها وكان أهل طليطلة قد خرجوا في اتباعه إلى قلعة رياح فكمن لهم فأوقعوا به فاغتم لذلك وهلك لأيام قليلة وبعث عبد الرحمن العساكر لحصارها ثانيا فلم يظفروا وكمن المغيرون عليها بقلعة رياح يعاودونها بالحصار كل حين ثم بعث عبد الرحمن أخاه الوليد في العساكر سنة ثنتين وعشرين لحصارها وقد أشرفوا على الهلكة وضعفوا عن المدافعة فاقتحمها عنوة وسكن أهلها وأقام إلى آخر ثلاث وعشرين ورجع وفى سنة أربع وعشرين بعث عبد الرحمن قريبه عبيد الله بن البلنسي في العساكر لغزو بلاد ألبة والقلاع ولقى العدو
(١٢٨)