معاوية بن هشام بن عبد الملك وكان قومه يتحينون له ملكا بالمغرب ويرون فيه علامات لذلك يؤثرونها عن مسلمة بن عبد الملك وكان هو قد سمعها منه مشافهة فكان يحدث نفسه بذلك فخلص إلى المغرب ونزل على أخواله نفرة من برابرة طرابلس وشعر به عبد الرحمن بن حبيب وكان قتل ابني الوليد بن عبد الملك لما دخلا إفريقية من قبله فلحق عبد الرحمن بمغيلة ويقال بمكناسة ويقال نزل على قوم من زنانة فأحسنوا قبوله واطمأن فيهم ثم لحق بمليلة وبعث بدرا مولاه إلى من بالأندلس من موالي المروانيين وأشياعهم فاجتمع بهم وبثوا له بالأندلس دعوة ونشروا له ذكرا ووافق ذلك ما قدمناه من الفتنة بين اليمنية والمضرية فاجتمعت اليمنية على أمره ورجع إليه بدر مولاه بالخبر فأجاز البحر سنة ثمان وثلاثين في خلافة أبى جعفر المنصور ونزل بساحل السند وأتاه قوم من اهل إشبيلية فبايعوه ثم انتقل إلى كورة رحب فبايعه عاملها عيسى بن مسور ثم رجع إلى شدونة فبايعه عتاب بن علقمة اللخمي ثم أتى مورور فبايعه ابن الصباح ونهز إلى قرطبة واجتمعت عليه اليمنية ونمى خبره إلى والى الأندلس يوسف بن عبد الرحمن الفهري وكان غازيا بجليقة فانفض عسكره وسار إلى قرطبة وأشار عليه وزيره الضميل بن حاتم بالتلطف له والمكر به فلم يتم له مراده وارتحل عبد الرحمن من المنكب فاحتل بمالقة فبايعه جندها ثم برندة فبايعه جندها ثم بشريش كذلك ثم بإشبيلية فتوافت عليه الامداد والأمصار وتسايلت المضرية إليه حتى إذا لم يبق مع يوسف ابن عبد الرحمن غير الفهرية والقيسية لمكان الضميل منه زحف إليه حينئذ عبد الرحمن بن معاوية وناجزهم الحرب بظاهر قرطبة فانكشف ورجع إلى غرناطة فتحصن بها وأتبعه الأمير عبد الرحمن فنازله ثم رغب إليه يوسف في الصلح فعقد له على أن يسكن قرطبة وأقفله معه ثم نقض يوسف عهده وخرج سنة احدى وأربعين ولحق بطليطلة واجتمع إليه زهاء عشرين ألفا من البربر وقدم الأمير عبد الرحمن للقائه عبد الملك بن عمر المرواني كان وفد عليه من المشرق وكان أبوه عمر بن مروان بن الحكم في كفالة أخيه عبد العزيز بمصر فلما هلك سنة خمس عشر بقي عبد الملك بمصر فلما دخلت المسودة أرض مصر خرج عبد الملك يوم الأندلس في عشرة رجال من بيته مشهورين بالبأس والنجدة حتى نزل على عبد الرحمن سنة احدى وأربعين فعقد له على إشبيلية ولابنه عمر بن عبد الملك على مورور وسار يوسف إليهما وخرجا إليه فلقياه وتناجز الفريقان فكانت الدبرة على يوسف وأبعد الفر واغتاله بعض أصحابه بناحية طليطلة واحتز رأسه وتقدم به إلى الأمير عبد الرحمن فاستقام أمره واستقر بقرطبة وبنى القصر والمسجد الجامع أنفق ثمانين ألف دينار ومات قبل تمامه وبنى مساجد ووفد عليه جماعة من أهل بيته
(١٢١)