من المشرق وكان يدعو للمنصور ثم قطعها لما تم له الملك بالأندلس ومهد أمرها وخلد لبنى مروان السلطان بها وجدد ما طمس لهم بالمشرق من معالم الخلافة وآثارها واستلحم الثوار في نواحيها وقطع دعوة العباسيين من منابرها ومد المذاهب منهم دونها وهلك سنة ثنتين وسبعين ومائة وكان يعرف بعبد الرحمن الداخل لان أول داخل من ملوك بنى مروان هو وكان أبو جعفر المنصور يسميه صقر بنى أمية لما رأى ما فعل بالأندلس وما ركب إليها من الاخطار وانه صمد إليها من أنأى ديار المشرق من غير عصابة ولا قوة ولا أنصار فغلب على أهلها وعلى أميرهم وتناول الملك من أيديهم بقوة شكيمة وامضاء عزم ثم تحلى وأطيع وأورثه عقبه وكان عبد الرحمن هذا يلقب بالأمير وعليه جرى بنوه من بعده فلم يدع أحد منهم بأمير المؤمنين إذ بايع الخلافة بمقر الاسلام ومبتدأ العرب حتى كان عبد الرحمن الناصر وهو الثامن منهم على ما نذكره فتسمى بأمير المؤمنين وتوارث ذلك بنوه واحدا بعد واحد وكان لبنى عبد الرحمن الداخل بهذه العدوة الأندلسية ملك ضخم ودولة ممتعة اتصلت إلى ما بعد المائة الرابعة كما نذكر وعند ما شغل المسلمون بعبد الرحمن وتمهيد أمره قوى أمر الخلافة واستفحل سلطانه وتجهز فرويلة بن الافونش ملكهم سار إلى ثغور البلاد فأخرج المسلمين منها وملكها من أيديهم ورد مديزلك وبريعال وسمورة وسلمنقة وقشتالة وسقونية وصارت للجلالقة حتى افتتحها المنصور بن أبي عامر رئيس الدولة كما نذكر في أخباره ثم استعادوها بعده من بلاد الأندلس واستولوا على جميعها وكان عبد الرحمن عند ما تمهد له الامر بالأندلس ودعا للسفاح ثم خلعه واستبد بأمره كما ذكرناه وجد هشام بن عبد ربه الفهري مخالفا بطليطلة على يوسف من قبله وبقي على خلافه ثم أغزاه عبد الرحمن سنة تسع وأربعين يدرا مولاه وتمام بن علقمة فحاصراه ومعه حيوة بن الوليد الحصبي وحمزة بن عبد الله بن عمر حتى غلباه وجاء بهم إلى قرطبة فصلبوا وسار من إفريقية سنة تسع وأربعين العلاء بن مغيث اليحصبي ونزل باجة من بلاد الأندلس داعيا لابي جعفر المنصور واجتمع إليه خلق فسار عبد الرحمن إليه ولقيه بنواحي إشبيلية فقاتله أياما ثم انهزم العلاء وقتل في سبعة آلاف من أصحابه وبعث عبد الرحمن برؤس كثيرة منهم إلى القيروان ومكة فألقيت في أسواقها سرا ومعها اللواء الأسود وكاتب المنصور للعلاء ثم ثار سعيد اليحصبي المعروف بالمطري بمدينة لبلة طالبا بثار من قتل من اليمنية مع العلاء وملك إشبيلية وسار إليه عبد الرحمن فامتنع ببعض الحصون فحاصره وكان عتاب بن علقمة اللخمي بمدينة شدونة فأمد المطري وبعث عبد الرحمن بدرا مولاه فحال دون المدد ودون المطري ثم طال عليه الحصار وقتل في بعض أيامه وولى مكانه بالقلعة
(١٢٢)