على الواقع وراء نفس الاحتمال.
1 - فمنها: القاعدة المشار إليها فإن العقل يحكم بوجوب دفع الضرر المحتمل فيصير هذا بيانا وتقريبه بوجهين:
الأول: وهو الذي يجري في جميع الشبهات، ان يقال: ان في ترك الواجب وفعل المحرم ضرر أخروي وهو العقوبة فاحتمال الوجوب أو الحرمة يلازم احتمال العقاب وهو ضرر والعقل يحكم بلزوم دفع الضرر المحتمل، وبقاعدة الملازمة يثبت وجوب دفعه شرعا أيضا فيتحقق العلم بتكليف المولى. وعلى هذا فلا يكون نفس الاحتمال منجزا حتى يدعى الضرورة على عدم قابليته للتنجيز وقبح العقوبة بسببه، بل المنجز هو العلم بالتكليف المستكشف بقاعدة الملازمة.
ويرد عليه: ان جريان القاعدة يتوقف على تحقق موضوعه وهو احتمال الضرر والمفروض ان المراد به في المقام هو العقوبة فجريانها يتوقف على احتمال العقوبة في الرتبة السابقة على جريانها والمفروض عدم حجة على التكليف في هذه الرتبة وراء الاحتمال وقد سلمتم عدم قابليته بنفسه للتنجيز وحسن العقوبة، فلا مجال لاحتمال العقوبة في هذه الرتبة حتى تجري القاعدة.
وبعبارة أخرى: احتمال التكليف مع عدم حجة أخرى وراء الاحتمال لا يلازم احتمال العقوبة بل نقطع معه بعدمها.
الثاني: وهو الذي يجري في خصوص الشبهات التحريمية ان يقال: ان تحريم شي انما هو للمفسدة والمضرة الكامنة فيه فاحتمال الحرمة يلازم احتمال الضرر الدنيوي الملزم والعقل يحكم بقبح الاتيان بما يحتمل فيه الضرر ويشمئز منه اشمئزازه من مقطوع الضرر فبقاعدة الملازمة تستكشف حرمة محتمل الضرر شرعا فيصير معلوم الحرمة.
والجواب عن ذلك باحتمال كون النهي لمصلحة في نفس النهي أو المفسدة نوعية دون الشخصية المسماة بالضرر، لا يغنى عن جوع، فإن هذا الاحتمال لا يوجب القطع بعدم الضرر الشخصي إذ كما يحتمل أحد هذين الامرين كذلك يحتمل كونه للضرر الشخصي فبقي ملاك الاستدلال أعني كون احتمال التكليف ملازما لاحتمال الضرر.
فالجواب الصحيح عن ذلك ان يقال:
أولا: ان العقل لا يشمئز من ارتكاب كل ما يحتمل فيه الضرر، بل لو لم يكن عقلائيا يشمئز من تجنبه.