الثانية: ما دلت على وجوب التوقف عند الشبهة.
الثالثة: ما دلت على وجوب الاحتياط.
الرابعة: اخبار التثليث.
أقول: لا يخفى رجوع الرابعة إلى الثالثة غاية الأمر تضمنها لتثليث الوقائع.
والجواب عن الطائفة الأولى أيضا قد اتضح بما ذكرناه في الجواب عن الطائفة الأولى من الآيات، فهنا طائفتان: اخبار التوقف واخبار الاحتياط. وقد جمع صاحب الوسائل لهذه المسألة 61 حديثا في باب 12 من أبواب صفات القاضي، منها ما واقع فيها لفظ الشبهة، ومنها ما وقع فيها لفظ الاحتياط، ومنها غير ذلك والتدبر في هذه الأخبار يرشد إلى عدم دلالة واحد منها على مقصود الاخباري، فان كثيرا منها تدل على أن الانسان إذا لم يعلم شيئا ولم يحط به لم يجز له نقله للغير ولا الافتاء على طبقه، ولا يخفى ان حرمة ذلك ضرورية لكونه من مصاديق الافتراء والافتاء بغير علم.
وكثير منها ذكر فيها لفظ الشبهة وبالقرائن المذكورة فيها يعلم أن المراد بها ترك الأمور المشتبهة المشابهة للحق التي يتخذ بها أصحاب الآراء والبدع لترويج مبتدعاتهم. وبالجملة، فالمراد بالشبهات فيها ما هو في قبال المحكمات.
وجملة منها ذكر فيها لفظ الاحتياط فتوهم الاخباري ان المراد به هو الاحتياط في مصطلح الأصوليين مع أنه بمعنى الاحتفاظ، فقوله لكميل: (أخوك دينك فاحتط لدينك) يراد به وجوب حفظ الدين وجعل حائطة له تمنع عن ورود ما يخل به وكذلك في الرواية الدالة على عدم الافطار إلى أن يعلم زوال الحمرة فان الامساك إلى زوال الحمرة واجب قطعا، فالمراد بالحائطة فيها الامر الحافظ للدين لا الاحتياط في مصطلح الأصوليين.
وكثير منها، مربوطة بالشبهات قبل الفحص والتمكن منه كما في زمان الحضور فأمر فيها بالرجوع إليهم عليهم السلام ونحن أيضا نقول بوجوب الفحص.
وكثير منها، تدل على لزوم الاجتناب عن الشبهة المحتمل فيها الهلكة مع قطع النظر عن هذا الخبر الذي توهم دلالتها على وجوب الاحتياط وجعله، فيجب ان يكون المراد بها الشبهة قبل الفحص أو في أطراف العلم الاجمالي، إذ في غيرهما لا يحتمل العقوبة مع قطع النظر عن إيجاب الاحتياط المتوهم.
وكثير منها وان أمكن تقريبها بنحو تدل على إيجاب الاحتياط ولكنها عامة لجميع