فان قلت: نقل الاجماع بالمعنى الذي ذكرت لا فائدة له، لان النص الواصل إلى ناقل الاجماع اما ان وصل إلينا أيضا أولا، فعلى الأول لا نحتاج إلى الاجماع المنقول، وعلى الثاني لا يجوز الاعتماد عليه لاحتمال كونه مبنيا على قاعدة اللطف وقد مر بطلانها.
قلت: نقله مفيد على كلا التقديرين، إذ مع وصول النص إلينا يكون نقل الاجماع بمنزلة خبر آخر وكما أنه مع وجود اخبار عديدة في المسألة نتمسك بجميعها ويتأيد بعضها ببعض فكذلك في المقام. واما مع عدم وصوله إلينا فلان عدم جواز الاعتماد عليه مبني على أن يشترط في حجية النقل، العلم بكونه عن حس وليس كذلك لما مر من جواز الاعتماد على الخبر مع احتمال كونه عن حس ولا يلزم إحراز ذلك لبناء العقلا على العمل به إلا مع إحراز الخلاف كما مر.
هذا مضافا إلى أن الاعتماد على نقل الاجماع لو كان الناقل من أهل التتبع أكثر من الاعتماد على نقل النص لان ناقل النص ينقل النص الصادر عن الامام، فيحتمل كون ظاهره مرادا ويحتمل عدمه أيضا لأجل التقية ونحوها، واما ناقل الاجماع فينقل رأي الامام ومذهبه الحق فتدبر.
ثم لا يخفى انا لا نقول بلزوم متابعة الاجماع المنقول بحيث لا يجوز مخالفته كيف ما كان، بل نقول بان وزانه وزان الخبر الواحد، فكما ان في مورده يتفحص عن المعارضات والمرجحات وبعد الترجيح يؤخذ به فكذا في المقام . [1] [1] لا يخفى اختلاف الاجماع المنقول باختلاف إنظار الناقلين وألفاظ النقل. فتارة ينقل رأي الإمام عليه السلام أيضا في ضمن نقل الاجماع اما حدسا كما هو الغالب أو حسا وإن كان فرضه نادرا. وأخرى لا ينقل إلا ما هو السبب عنده لاستكشاف رأيه عليه السلام عقلا أو شرعا أو عادة أو اتفاقا. فإن كان المنقول السبب والمسبب معا عن حس فالظاهر شمول أدلة حجية الخبر له. ومثله ما إذا كان عن حدس ضروري قريب من الحس من ناحية الآثار المحسوسة. وكذا إن كان المنقول هو السبب فقط ولكن كانت سببيته واضحة عند المنقول إليه أيضا فيعامل مع المنقول معاملة المحصل في الالتزام بمسببه وترتيب آثاره ولوازمه.
واما إذا كان النقل للمسبب لا عن حس أو حدس قريب منه بل بمقتضى التزام الناقل بوجوب اللطف عقلا أو شرعا أو بحدسه رأي المعصوم عليه السلام من باب الاتفاق أو استنباطه رأيه من الأدلة المتعارفة والأخبار الواردة فالظاهر عدم شمول أدلة حجية الخبر له، إذ المتيقن من بناء العقلا حجية الاخبار عن حس أو قريب منه، وهو المنصرف إليه للآيات والاخبار المستشهد بها لذلك. ولو شك في ذلك فقد يقال بالشمول أيضا لبناء العقلا على ذلك إذ ليس بنائهم إذا أخبروا بشئ على التفتيش والسؤال عن كونه عن حس أو عن حدس.
ولكن يمكن منع ذلك فيما إذا كان الغالب فيه هو الحدس أو الالتزام بما لا يلتزم به المنقول إليه مثل قاعدة اللطف في المقام.