ومنه قولهم: شهر سيفه وسيف شاهر. وهذا المعنى يتصور في طرفي المسألة إذا فرض كون كليهما ظاهرين بين الأصحاب حتى ولو فرض كون أحدهما أكثر من الاخر إذا لم يبلغ الاخر إلى حد الشذوذ والندرة.
وقد تحصل مما ذكرنا ان الشهرة الفتوائية بين الأصحاب، أعني إفتاءهم بمضمون الرواية والاخذ بها في مقام العمل، هو المرجح لاحدى الروايتين المتعارضتين ويجعلها مما لا ريب فيه، لا الشهرة الروائية فقط من دون الاخذ بها والاعتماد عليها.
نعم هنا شي وهو ان المستفاد من الحديثين أولا وبالذات كون الشهرة الفتوائية والاخذ بالرواية في مقام الفتوى مرجحة للرواية الواجدة لشرائط الحجية مع قطع النظر عن المعارض، واما كونها بنفسها حجة شرعية مستقلة فهو امر آخر يجب البحث فيها وهو محط النظر هنا.
فنقول: يمكن ان يستظهر من الحديثين حجيتها بإلقاء الخصوصية. إذ الخصوصية المتوهم دخلها في المقام أمران:
الأول: وجود رواية في قبالها تخالف لمضمونها فيكون لخصوصيته وجود المعارض دخل في نفي الريب عنها.
الثاني: وجود رواية حاكية لقول الإمام عليه السلام في موردها على وفقها.
اما الأول فمعلوم عدم دخله في الحكم لوضوح انه لا دخل لوجود المعارض للشئ في الحكم بعدم الريب فيه.
واما الثاني فيمكن ان يقال أيضا: بعدم دخله في الحكم وان الذي لا ريب فيه هو نفس الشهرة بإطلاقها، إذ تعليق الحكم على وصف مشعر بعليته له. وان شئت قلت: ان الخبرين بعد تعارضهما وتكافئهما تسقطان وتكون الحجة هي الشهرة بنفسها. هذا.
ولكن لاحد منع إلقاء الخصوصية الثانية لاحتمال ان يكون لوجود الرواية الموافقة لمضمون الشهرة دخل في حجيتها ونفي الريب عنها باعتبار تأيد إحداهما بالأخرى.
ولكن الأظهر مع ذلك، التفصيل والقول بحجية الشهرة الفتوائية بنفسها في المسائل الأصلية المبنية على نقلها بألفاظها، وكشف الشهرة عن تلقيها عن الأئمة المعصومين عليهم السلام.
توضيح ذلك ان مسائل فقهنا على ثلاثة أنواع:
الأول: المسائل الأصلية المأثورة عن الأئمة عليهم السلام التي ذكرها الأصحاب في كتبهم المعدة لنقل خصوص هذه المسائل كالمقنع و الهداية والمقنعة والنهاية والمراسم والكافي والمهذب ونحوها.