فلا نحتاج في مقام الاستدلال إلى ضم المقدمة التي ذكروها من أن طرح خبره بدون التبين يستلزم كونه أسوأ حالا.
واما التقريب الثاني:
فهو الاستدلال بمفهوم الوصف بتقريب ان تعليق الحكم على وصف يدل على دخالته فيه وسيجئ توضيحه.
ولا يخفى ان التقريب الأول مما لا مجال له في المقام فان الشرط هنا لبيان تحقق الموضوع، فلا مفهوم له يجدى في المقام.
فلنذكر مقدمتين لتوضيح المطلب:
الأولى: قد عرفت منا في باب المفاهيم، ان كيفية استفادة المفهوم عند القدماء تباين كيفيتها عند المتأخرين، فان المتأخرين أرادوا استفادة المفهوم من الجملة الشرطية مثلا، من جهة استظهار العلية المنحصرة، ولذلك جعلوا مفهوم الشرط، أقوى من مفهوم الوصف، من جهة كون ظهورها في العلية أقوى واما المتقدمون من العامة والخاصة، فسنخ الدلالة المفهومية عندهم سنخ يباين كيفية الدلالة المنطوقية، فالدلالة المنطوقية دلالة اللفظ بما هو لفظ موضوع وهي التي تنقسم إلى المطابقة والتضمن والالتزام واما الدلالة المفهومية فهي دلالة التكلم بما هو فعل من الافعال، من جهة ان صدور الفعل عن الفاعل المختار يحمل عند العقلا على أنه لم يصدر عنه لغوا، بل صدر عنه لغرض وغاية، ومن الافعال التي تصدر عنه، هو التكلم فيجب ان يحمل على كونه لفائدة. وكما أن التكلم بمجموع الكلام يحمل على ذلك، فكذلك، التكلم باجزائه، فكل قيد وقع في كلام المتكلم يحمل على عدم وقوعه لغوا وكونه لفائدة منظورة وهذا من غير فرق بين ان يكون القيد شرطا أو وصفا أو غيرهما إذ الملاك في ذلك هو الاحتراز عن اللغوية وهذا الملاك مشترك في جميع القيود.
وبالجملة، فسنخ الدلالة المفهومية يغاير الدلالة المنطوقية بأقسامها الثلاثة، فان المنطوقية دلالة اللفظ بما هو لفظ موضوع والمفهومية دلالة التكلم بما هو فعل صادر عن الفاعل المختار، ولا فرق على مشرب القدماء بين القيود من الشرط وغيره، فالقيد المذكور في الكلام يحمل على الفائدة، وفائدته الغالبة دخالته في موضوع الحكم وعدم كون الموضوع تمام الموضوع.
واما عند المتأخرين فالدلالة المفهومية أيضا دلالة اللفظ من جهة الدلالة على العلية المنحصرة فيفرق بين الشرط وغيره.
المقدمة الثانية: الجملات الشرطية على قسمين: