الأول:
ان لا يكون العناوين الواقعية بأنفسها مشتملة على المصالح و المفاسد، ولا محكومة بحكم من الاحكام بالنسبة إلى الجاهلين، بل قيام الامارة يوجب اشتمالها على المصالح والمفاسد، ويصير سببا لمحكوميتها بالحكم الذي دلت عليه الامارة، فصلاة الجمعة مثلا قبل أداء الامارة إلى وجوبها، ليست محكومة بحكم من الاحكام، فإذا أدت الامارة إلى وجوبها صارت بما هي صلاة الجمعة محكومة بالوجوب و هذا أظهر افراد التصويب الذي قام على بطلانه العقل والنقل و الاجماع، وقد تواترت الاخبار بوجود أحكام واقعية يشترك فيها العالم والجاهل.
الثاني:
أن تكون العناوين الواقعية بما هي، مشتملة على المصالح والمفاسد و محكومة باحكام واقعية، ولكن صار أداء الامارات سببا لوجود ملاكات أقوى في نفس العناوين الذاتية الواقعية، فصار هذا سببا لانقلاب الأحكام الواقعية إلى مؤديات الامارات بعد حصول الكسر و الانكسار بين الملاكات الذاتية والملاكات الطارية، وذلك مثل ان يكون صلاة الجمعة بما هي صلاة الجمعة، مشتملة على مفسدة واقعية مستتبعة للحرمة، ولكن صار أداء الامارة إلى وجوبها سببا لوجود مصلحة في نفس صلاة الجمعة بعنوانها بحيث تزيد تلك المصلحة على المفسدة الواقعية، بنحو تستتبع الوجوب بعد الكسر والانكسار، وهذا أيضا تصويب انقلابي باطل، على أصول المخطئة.
الثالث:
أن تكون العناوين الواقعية بما هي، مشتملة على المصالح والمفاسد و محكومة باحكام واقعية ولم يكن أداء الامارة على خلافها موجبا لانقلاب الواقع مصلحة أو حكما، بل المصلحة الحادثة انما تكون في سلوك الامارة وتطبيق العمل على طبقها، والحكم الظاهري يثبت لهذا العنوان أعني سلوك الامارة بما هو سلوك، فلو أدت الامارة إلى وجوب الجمعة - مثلا - وكان الواجب بحسب الواقع هو الظهر، فقيام الامارة لا يصير سببا لاشتمال صلاة الجمعة على المصلحة، ولا لمحكوميتها بالوجوب، بل هي بعد، باقية على ما كانت عليه، و الظهر أيضا باق على وجوبه الواقعي، والمصلحة انما تكون في سلوك الامارة بما هو سلوك، وبهذه المصلحة يتدارك فوت مصلحة الواقع بقدر فوتها، إلخ.
هذه خلاصة ما ذكر في بيان السببية. اما القسم الأول والثاني منها، فمستلزم للتصويب الباطل، فلو صحت السببية لكانت على النحو الثالث، وعبارة (الرسائل) في بدو الامر كانت دالة على كون المصلحة الحادثة في نفس السلوك ولكن نقل بعض تلامذة الشيخ (قده) انه استشكل عليه بإشكال لم يمكن له التفصي عنه، فأمر بتغيير العبارة وزيادة لفظ الامر حتى يكون مفاده