قسمين:
القسم الأول: ما تكون من أوصاف الموضوع وحالاته بالنظر إلى ذاته، من دون ان، تكون لوجود الحكم دخالة في اتصافه بها، ككون الرقبة مثلا مؤمنة أو كافرة، وكون الماء حارا أو باردا.
القسم الثاني: ما تكون من أوصاف الموضوع وحالاته بعد عروض الحكم له، بحيث لا يعقل اتصاف الموضوع بها مع قطع النظر عن الحكم، ككونه معلوم الحكم أو مجهوله - مثلا -.
وكذلك الحالات الطارية للمكلف أيضا على قسمين، فقسم منها، ما لا تكون لوجود الحكم دخالة في اتصافه بها ككونه ذكرا أو أنثى مثلا حرا أو عبدا ونحو ذلك، ومنها ما يكون اتصافه بها، بعد صيرورته مكلفا ثبت له الحكم، ككونه عالما بالحكم أو جاهلا به، عاصيا أو مطيعا ونحو ذلك.
ثم إن الحاكم لا بد وان يتصور الموضوع والمكلف في الرتبة السابقة على الحكم، فاما ان يتصورهما مطلقين، واما ان يتصورهما مقيدين على حسب اختلاف المصالح والمفاسد، ولكن كلا من هذا الاطلاق والتقييد انما يكون بحسب الانقسامات الأولية والحالات الثابتة لذات الموضوع، إذ لا يعقل لحاظ الحالات التي يعرضه بسبب الحكم، ولا يكون الموضوع متصفا بها قبل الحكم، فالموضوع بحسب الانقسامات الأولية، اما مطلق أو مقيد، واما بحسب الانقسامات الثانوية فلا إطلاق ولا تقييد في الرتبة التي هي قبل الحكم، واما في الرتبة التي هي بعده فيمكن لحاظ هذه الحالات أيضا.
إذا عرفت هذا فنقول: موضوع الحكم الواقعي نفس العناوين الواقعية، وهي في هذه الرتبة لا تتصف بكونها معلوم الحكم أو مجهول الحكم، كما لا يتصف المخاطب بكونه عالما بالحكم أو جاهلا به، و بعد ان ثبت لها الحكم تتصف بكونها معلومة الحكم أو مجهولة الحكم.
وحينئذ فلو فرض كون العنوان الواقعي مشتملا على مصلحة مستتبعة للوجوب وكان في رتبة كونه مجهول الحكم مشتملا على مفسدة مستتبعة للحرمة فلا تصادم بين الحكمين ولا كسر ولا انكسار في البين، فإنه في رتبة تصور ذات الموضوع التي هي قبل رتبة الحكم، لا يتحقق موضوع الحكم الظاهري، أعني عنوان مجهول الحكم، وفي رتبة تصور موضوع الحكم الظاهري، أعني عنوان مجهول الحكم، لا يتحقق موضوع الحكم الواقعي، فان موضوعه نفس الذات في حال خلوه عن الحكم وفي الرتبة التي هي قبل رتبته، فالذات متقدمة على موضوع الحكم الظاهري بمرتبتين، فلا يعقل تجافيها عن مرتبتها. الا ترى صحة الامر بالضد الأهم مطلقا، وبالضد المهم في