للعبد جزافا، مصالح يتدارك بها ما فات منه، ولكن هذا غير تداركه بنفس المصلحة التي تكون في الامر وتكون عائدة إلى المولى.
فظهر مما ذكرنا فساد كون نفس الامر مشتملا على المصلحة وان ذكره بعض المتأخرين.
واما كون نفس سلوك الامارة مشتملا على المصلحة فهو باطل لوجهين أيضا:
الوجه الأول: ان السلوك ليس امرا وراء العمل الذي يوجده المكلف و يكون محكوما بالحكم الواقعي كصلاة الجمعة - مثلا - وفي مقام التحقيق لا ينفك عنه، فصلاة الجمعة التي يوجدها المكلف، هي بعينها محققة للسلوك ومصداق له، وليس تحقق السلوك الا بنفس هذا العمل وقد عرفت منا سابقا انه لو كان شي واحد مشتملا على المصلحة من جهة وعلى المفسدة من جهة أخرى وجب الكسر و الانكسار وكان الحكم تابعا لاقوى الملاكين، ولو تكافئا كان الحكم، التخيير، و كيف كان فلا يكون مقتض لوجود حكمين، حتى يكون أحدهما واقعيا والاخر ظاهريا، والشيخ (قده) فرض المسألة فيما إذا قامت الامارة على وجوب الجمعة وكان الواجب هو الظهر حتى يكون متعلق كل من الحكمين يباين متعلق الاخر، مع أن اللازم تصوير المصلحة السلوكية لو تمت، بحيث تجري في جميع الصور التي تفرض.
فالأولى، الإشارة إلى بعض الصور، حتى يتضح بطلان المصلحة السلوكية وأنها مما لا تغني عن جوع في مقام الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي، فنقول:
لو فرض قيام الامارة على وجوب الجمعة - مثلا - وكانت بحسب الواقع محرمة، فلا يخفى ان سلوك الامارة والعمل على طبقها ليس الا عبارة أخرى عن إتيان الجمعة، والفرض كونها مشتملة على المفسدة، فبعد قيام الامارة واستتباعها للمصلحة، يجب الكسر والانكسار بين الملاكين، والفرض كون المصلحة أقوى بحيث تتدارك بها مفسدة الجمعة وفوت مصلحة الظهر أيضا، فاللازم انقلاب الحكم الواقعي، إذ لا يعقل ان يوجد في موضوع واحد ملاكان مستقلان يؤثر كل منهما في حكم مستقل. ولو فرض قيامها على حرمة الجمعة و كانت بحسب مصلحة واحدة يقوم بها فعل جميع العبيد ويكون فعل كل منهم كجز المحصل، أو تكون مصلحة الفعل عائدة إلى المولى وان لم يتصور ذلك في مولى الموالي، وكذلك يمكن كون مصلحة الامر أيضا عائدة إلى العبد، ولو سلم ان مصلحة الفعل تعود إلى العبد ومصلحة الامر إلى المولى، فلا نسلم وجوب تدارك المولى لما يفوت من العبد، و ليس هذا التفويت بقبيح، فان القبيح انما هو تفويت المصلحة غير المزاحمة لا مطلقا. فافهم ح - ع - م.