الواقع واجبة فالحكم الظاهري أعني الحرمة يجب أن تكون من جهة المفسدة في الفعل الذي هو صلاة الجمعة ويجب أن تكون أقوى من المصلحة الواقعية أيضا فيلزم الانقلاب.
فلو فرض قيامها على إباحة الفعل أو استحبابه أو كراهته وكانت بحسب الواقع واجبة أو محرمة، فالحكم الظاهري أعني الإباحة أو الاستحباب، أو الكراهة مستلزم للترخيص في مخالفة الواقع، مع أن ملاك كل من الإباحة والندب والكراهة ملاك غير ملزم، فكيف يتدارك به ملاك الواقع الذي هو بحد الالزام؟ وملخص الكلام، ان القول بالسببية انما يتم إذا كان هناك عنوان ذو مصلحة وراء العناوين الواقعية، حتى يقال: بان المسألة من مصاديق مسألة اجتماع الامر و النهي، وليس الامر كذلك [1] فان العنوان المتوهم هنا، هو سلوك الامارة وليس السلوك الا عبارة أخرى [1] أقول: لعلك ترى ما حررناه في رد السببية مشوشا والسر في ذلك أنه لم يتضح لي مراد الأستاذ مد ظله كاملا، والظاهر أن مراد القائلين بالسببية بالمعنى الثالث ليس انحلال مثل (صدق العادل) - مثلا - إلى الأحكام الخمسة، بان يكون الحكم المجعول موافقا لمؤدى الامارة، بل القائلون بالطريقية أيضا لا يقولون بذلك، بان يكون المجعول فيما إذا قامت الامارة على الوجوب - مثلا - هو الوجوب، و فيما إذا قامت على الاستحباب، هو الاستحباب وهكذا، بل الظاهر أن المجعول - لو كان في البين جعل - هو الوجوب مطلقا، سواء قلنا بالطريقية أو السببية، وسواء كان المؤدى وجوب شي أو حرمته أو غيرهما من الاحكام.
فالمجعول في باب خبر الواحد - مثلا - ليس الا وجوب العمل على وفق مؤداها أي شي كان، لا حكم مماثل للمؤدى، حتى ينحل قوله:
(صدق العادل) مثلا إلى الأحكام الخمسة. غاية الأمر ان القائل بالطريقية يقول:
ان العمل بخبر الواحد والاعتناء بقوله وفرضه واقعا لا يترتب عليه أثر سوى إحراز الواقع على تقدير الإصابة، فوجوب العمل وجوب طريقي كما في وجوب الاحتياط، فإنه أيضا لا ينحل إلى الأحكام الخمسة ، حتى يكون في الشبهات التحريمية - مثلا - كل شبهة محكومة بالحرمة ظاهرا بحسب جعل الشارع هذه الحرمة لها، وفي الوجوبية مثلا، محكومة بالوجوب، بل المجعول ليس الا وجوب الاحتياط حتى في التحريمية أيضا، ولكن لا عن مصلحة في نفس الاحتياط بل المنظور من جعل هذا الوجوب هو انحفاظ الواقعيات.
واما القائل بالسببية، فيقول: ان الاعتناء بقول العادل وتطبيق العمل على وفق قوله من حيث إنه احترام له وتجليل - مثلا - يشتمل على مصلحة ملزمة مستتبعة للوجوب دائما، حتى أنه لو أخبر بالاستحباب - مثلا -، فلا يجب العمل بالمؤدى، ولا يستحب أيضا، وانما يجب تطبيق العمل، بمعنى انه إذا أراد العمل، وجب ان يكون على وفق قوله، وما ذكره الأستاذ مد ظله من أن السلوك ليس عنوانا آخر وراء العناوين الواقعية ففيه نظر واضح فتأمل ح - ع - م.