الامكان كما عرفت ولكنه يتوقف على ثبوت النبوة فلا يفرض ذلك في المتنبي، اللهم الا ان يثبت التعبد ممن ثبتت نبوته بالأدلة بوجوب الاخذ بقول المتنبي. فافهم.
الوجه الثاني:
ان التعبد بالعمل بالخبر الواحد يوجب تحليل الحرام وتحريم الحلال وتفصيله على نحو يشار فيه إلى جميع المحذورات المتوهمة، هو ان يقال: انه إذا لزم العمل على وفق ما أخبر به الثقة وجب ترتيب آثار الحرام على ما أخبر بحرمته والوجوب على ما أخبر بوجوبه و هكذا، فلا يخلو اما ان يكون الحكم الشرعي منحصرا في مؤدى الامارة بحيث لا يكون لله بحسب الواقع أحكام ثابتة للموضوعات بعناوينها الأولية يشترك فيها العالم والجاهل ومن قامت الامارة عنده ومن لم تقم، واما ان لا يكون منحصرا فيه، بل جعل للعناوين الواقعية مع قطع النظر عن أداء الامارة أحكاما يشترك فيها الجميع.
فعلى الأول: يلزم التصويب الذي دل على بطلانه العقل والأخبار المتواترة وإجماع الامامية، وان اختلف العامة في صحته وبطلانه و على الثاني: اما ان يكون قيام الامارة موجبا لانقلاب الحكم الواقعي بان يكون الحكم الذي يشترك فيه العالم والجاهل ثابتا مع قطع النظر عن الامارة القائمة ويكون قيامها موجبا لزواله، واما ان لا يكون كذلك بل يكون ثابتا مع قيامها أيضا.
فعلى الأول: يلزم قسم اخر من التصويب أيضا يسمى بالانقلابي، وهو أيضا باطل بالاجماع.
وعلى الثاني: فاما أن تكون الامارة مطابقة للواقع واما أن تكون مخالفة له.
فعلى الأول: يلزم اجتماع وجوبين أو تحريمين - مثلا - في موضوع واحد، أحدهما ما ثبت له بعنوانه الواقعي، وثانيهما ما ثبت له بسبب قيام الامارة وحينئذ يجتمع المثلان وهو محال، بداهة ان الاثنينية اما بحسب الماهية أو العوارض أو التشخص، والمثلان يتحدان بحسب الماهية ولا عرض لهما حيث إنهما عرضان ولا يقوم بالعرض عرض، وتشخص العرض بالموضوع فاجتماعهما في موضوع واحد يرفع الاثنينية، وهذا خلف.
وعلى الثاني: أعني به صورة مخالفة الامارة للواقع، ففيه محاذير يعم بعضها جميع صور المخالفة ويختص بعضها ببعضها.
اما ما يعم الجميع، فاجتماع الضدين، إذ الأحكام الخمسة بأسرها متضادة فإذا أدت الامارة إلى أحدها وكان الواقع خلافه أيا ما كان، يلزم اجتماع الضدين، وكذلك يلزم اجتماع النقيضين فيما