الفصل العاشر:
جواز تخصيص الكتاب بالخبر الواحد اختلفوا في جواز تخصيص الكتاب بالخبر الواحد، فذهب المحققون إلى جوازه، واستدلوا عليه باستقرار سيرة الأصحاب من زمن النبي صلى الله عليه وآله إلى زماننا هذا على العمل بالخبر الواحد، مع أنك لا تجد خبرا إلا ويوجد على خلافه عام كتابي، ولم يرد عن صاحب الشرع ولا عن أئمة أهل البيت عليهم السلام ردع عن هذه السيرة.
وذهب جماعة إلى المنع واستدلوا عليه بوجوه أربعة:
الأول: أن الكتاب مقطوع به صدورا، والخبر مظنون سندا، فلا يرفع به اليد عن المقطوع به.
الثاني: أنه لو جاز تخصيص الكتاب بالخبر الواحد لجاز نسخه به أيضا، والتالي باطل بالاجماع فالمقدم مثله.
الثالث: أن حجية الخبر ثابتة بالاجماع، ولا إجماع على العمل به في عرض الكتاب. الرابع: الأخبار الكثيرة الدالة على أن ما خالف القرآن يجب طرحه، أو أنه زخرف، أو نحو ذلك.
ويرد على الوجه الأول: أن الكتاب وإن كان قطعيا، بحسب الصدور، لكنه ظني الدلالة، فإن الحكم بالعموم إنما هو من جهة أصالة التطابق بين الإرادتين، كما مر في محله، وليست هي بقطعية، وعلى هذا فرفع اليد عنه بالخبر من قبيل رفع اليد عن المظنون بمثله، بل بالمقطوع به، فإن الخبر، وإن كان ظنيا ولكنه ثبتت حجيته بالأدلة القطعية، فكما أنه إذا قطع بصدور الخبر وجب رفع اليد بسببه عن عموم الكتاب، فكذلك إذا دل الدليل القطعي على وجوب ترتيب آثار الواقع على مفاد الخبر، والمعاملة معه معاملة المقطوع به.
ويرد على الوجه الثاني: أولا: أنه لم يرد دليل قطعي على عدم جواز نسخ الكتاب به.
وثانيا: أنه لو فرض قيام دليل قطعي على عدم جواز نسخه به لم يثبت بذلك عدم جواز