الاعتناء بالشك في انتقاضها.
وهذه الدعوى في الجملة مما لا إشكال فيها ولا سبيل إلى إنكارها، لأنه قد استقرت الطريقة العقلائية على العمل بالحالة السابقة وعدم الاعتناء بالشك في ارتفاعها، كما يشاهد ذلك في مراسلاتهم ومعاملاتهم ومحاوراتهم، بل لولا ذلك يلزم اختلال النظام، فان النيل إلى المقاصد والوصول إلى الاغراض يتوقف غالبا على البناء على بقاء الحالة السابقة، ضرورة أن الشك في بقاء الحياة لو أوجب التوقف في ترتيب آثار بقاء الحياة لانسدت أبواب المراسلات والمواصلات والتجارات، بل لم يقم للعقلاء سوق.
وبالجملة: لا ينبغي التأمل في أن الطريقة العقلائية قد استقرت على ترتيب آثار البقاء عند الشك في الارتفاع (1) وليس عملهم على ذلك لأجل حصول الاطمينان لهم بالبقاء، أو لمحض الرجاء، بداهة أنه لا وجه لحصول الاطمينان مع فرض الشك في البقاء، والعمل برجاء البقاء إنما يصح فيما إذا لم يترتب على عدم البقاء أغراض مهمة، وإلا لا يكاد يمكن ترتيب آثار البقاء رجاء، مع أنه يحتمل فوات المنافع أو الوقوع في المضار المهمة، فعمل العقلاء على الحالة السابقة ليس لأجل الرجاء ولا لحصول الاطمينان، بل لكون فطرتهم جرت على ذلك فصار البناء على بقاء المتيقن من المرتكزات في أذهان العقلاء.
فظهر: أنه لا مجال لانكار قيام السيرة العقلائية والطريقة العرفية على الاخذ بالحالة السابقة وعدم الاعتناء بالشك في ارتفاعها، ولم يردع عنها الشارع.