من بينهما، فان ارتفاع الخصومة من البين إنما هو لأجل كون المرجع هو الأصل الجاري في المسألة الموافق لقول أحدهما.
ومن ذلك يظهر: أن قول الأصحاب في تحديد المدعي والمنكر: من " أن المدعي من خالف قوله الأصل " يرجع إلى قولهم: " إن المدعي من إذا ترك ترك " ولا تختلف النتيجة بين الحدين، بل هما متلازمان ويرجع مفاد كل منهما إلى الآخر، فما يظهر من بعض الكلمات: من " أن النسبة بينهما العموم من وجه " ليس على ما ينبغي، وتفصيله موكول إلى محله.
وفيما نحن فيه لا إشكال في أن ذي اليد لو ترك دعواه الانتقال إليه بعد إقراره بأن المال كان للمدعي ترتفع الخصومة من البين، وكان المرجع بعد الاقرار أصالة عدم الانتقال، ولا يجوز التعويل على اليد، لسقوطها بالاقرار.
وتوهم: أن إقرار ذي اليد لا يزيد حكمه عن العلم بالواقع، فكما أنه في صورة العلم بأن المال كان ملكا للمدعي قبل استيلاء ذي اليد عليه لا ينتزع المال عن ذي اليد ولا يصير المدعي منكرا، كذلك في صورة إقرار ذي اليد بأن المال كان في السابق للمدعي فاسد، فان انقلاب الدعوى ليس من آثار الواقع، بل من آثار نفس الاقرار، حيث إن المرء مأخوذ باقراره ولو مع العلم بمخالفته للواقع، كما إذا أقر بعين لاثنين على التعاقب، فإنه تدفع العين للمقر له الأول ويغرم قيمة العين للثاني، ففرق بين العلم بكون المال كان ملكا للمدعي سابقا وبين إقرار ذي اليد بذلك، ففي الأول لا تنقلب الدعوى ولا يصير ذو اليد مدعيا، وفي الثاني تنقلب الدعوى.
دفع دخل:
ربما يتوهم المنافاة بين ما ذكرنا: من انقلاب الدعوى في صورة إقرار ذي