بها لمحض الجري العملي على طبق المؤدى بلا توسط الاحراز.
إذا عرفت ذلك فقد ظهر لك السر فيما اشتهر بين المتأخرين: من اعتبار مثبتات الامارات دون مثبتات الأصول، فان الوجه في ذلك إنما هو لمكان أن المجعول في باب الامارات معنى يقتضي اعتبار مثبتاتها ولو بألف واسطة عقلية أو عادية، بخلاف المجعول في باب الأصول العملية، فإنه لا يقتضي أزيد من اعتبار نفس مؤدى الأصل، أو ما يترتب عليه من الأحكام الشرعية بلا واسطة عقلية وعادية.
بيان ذلك: هو أن الامارة إنما تحكي عن نفس المؤدى ولا تحكي عن لوازم المؤدى وملزوماته الشرعية بما لها من الوسائط العقلية أو العادية (1) فان البينة أو الخبر الواحد إنما يقوم على حياة زيد أو موت عمرو، فهو إنما يحكي عن نفس الحياة والموت، ولا يحكي عن نبات اللحية وما يستتبعه: من الآثار الشرعية أو العقلية والعادية، بداهة أن المخبر بالحياة ربما لا يلتفت إلى نبات اللحية فضلا عما يستتبعه، والحكاية عن الشئ فرع الالتفات إليه، فليس الوجه في اعتبار مثبتات الامارة كونها حاكية عن لوازم المؤدى وملزوماته، بل الوجه فيه هو أن الامارة إنما تكون محرزة للمؤدى وكاشفة عنه كشفا ناقصا والشارع بأدلة اعتبارها قد أكمل جهة نقصها، فصارت الامارة ببركة اعتبارها كاشفة ومحرزة كالعلم، وبعد انكشاف المؤدى يترتب عليه جميع ما للمؤدى من الخواص والآثار على قواعد سلسلة العلل والمعلولات واللوازم والملزومات (2) ولا يحتاج