والآيات الناهية عن العمل بما وراء العلم لا تصلح لان تكون رادعة عنها، لما تقدم في حجية الظواهر وخبر الواحد: من أن جميع موارد السيرة العقلائية خارجة عن العمل بما وراء العلم بالتخصص.
فما أفاده المحقق الخراساني - قدس سره - في المقام: من أن الآيات الناهية عن العمل بما وراء العلم تصلح لكونها رادعة عن السيرة العقلائية فيما نحن فيه، ينافي ما تقدم منه في حجية الخبر الواحد: من أن تلك الآيات لا يمكن أن تكون رادعة عن الطريقة العقلائية، مع أن بناء العقلاء على الاخذ بالحالة السابقة لو لم يكن أقوى من بنائهم على العمل بالخبر الواحد فلا أقل من التساوي بين المقامين، فكيف كانت الآيات رادعة عن بناء العقلاء في المقام ولم تكن رادعة عنه في ذلك المقام؟! فالأقوى: أنه لا فرق في اعتبار السيرة العقلائية في كلا المقامين.
ولكن القدر المتيقن من بناء العقلاء هو الاخذ بالحالة السابقة عند الشك في الرافع، ولم يظهر أن بناء العقلاء على ترتيب آثار وجود المتيقن حتى مع الشك في المقتضي، بل الظاهر أن بنائهم عند الشك في المقتضي على التوقف والفحص إلى أن يتبين الحال.
ولعل منشأ القول بحجية " قاعدة المقتضي والمانع " هو ما يشاهد من بناء العقلاء على الاخذ بالحالة السابقة عند إحراز المقتضي، وقد استدل بعض من قال باعتبار القاعدة بذلك. ولكنه ضعيف، لان بناء العقلاء على ذلك إنما هو بعد إحراز تأثير المقتضي ووجود المقتضي (بالفتح) في الخارج، وهذا أجنبي عن " قاعدة المقتضي والمانع " فان مورد القاعدة هو مجرد العلم بوجود المقتضي مع عدم العلم بتأثيره في وجود المعلول، كما عرفت.
فتحصل: أن المقدر الذي يمكن أن يدعى في المقام، هو قيام السيرة العقلائية على عدم الاعتناء بالشك في ارتفاع الشئ بعد العلم بوجوده خارجا