وحينئذ لا يبقى موقع لاتعاب النفس وإطالة الكلام فيما يستفاد من لفظة " بعينه " الواردة في أخبار أصالة الحل بعد فرض كون أخبار أصالة الحل كسائر أدلة الأصول إنما وردت لبيان الحكم الظاهري وجعل الوظيفة للجاهل بالموضوع أو الحكم الواقعي، أو خصوص الجاهل بالموضوع ولا تشمل الجاهل بنفس الحكم ابتداء، على اختلاف الوجهين فيما يستفاد من أخبارها من أنها تختص بالشبهات الموضوعية أو تعم الحكمية أيضا.
نعم: لو كانت الاخبار بصدد بيان الحكم الواقعي وتقييده بصورة العلم بالموضوع أو الحكم لكان للبحث عن مقدار دلالتها من حيث إنها تقتضي التقييد بخصوص العلم التفصيلي بالموضوع أو الحكم أو تعم العلم الاجمالي أيضا مجال، إلا أن ذلك مع كونه خلاف الفرض - لان المبحوث عنه في المقام هو جريان الأصول العملية المتكفلة للأحكام الظاهرية - يأباه ظاهر الاخبار، فان الظاهر منها أنها وردت لبيان وظيفة الجاهل بالحكم أو الموضوع بعد الفراغ عن إطلاق الحكم الواقعي.
ومن جميع ما ذكرنا ظهر الوجه في حرمة المخالفة القطعية للتكليف المعلوم بالاجمال وعدم جواز الاذن فيها إلا بنسخ الحكم الواقعي أو تقييده بصورة العلم التفصيلي.
وأما الجهة الثانية:
- أعني وجوب الموافقة القطعية - فالأقوى وجوبها أيضا، لأنه يجب عقلا الخروج عن عهدة التكليف المعلوم بالاجمال، وهو لا يحصل إلا بالاجتناب عن جميع الأطراف، إذ لو لم يجتنب المكلف عن الجميع وارتكب البعض فلا يأمن من مصادفة ما ارتكبه لمتعلق التكليف المعلوم في البين، فيكون قد ارتكب الحرام بلا مجوز عقلي أو شرعي، فيستحق العقوبة: وذلك كله واضح بعد البناء على أن