وأما في باب التكاليف: ففي التكاليف التحريمية يمكن أن يكون مصب العموم الزماني فيها متعلق الحكم، كما يمكن أن يكون نفس الحكم بعدما كانت التكاليف التحريمية مستمرة في الأزمنة ولها عموم زماني، فيمكن أن يكون مصب العموم الزماني في مثل قوله: " لا تشرب الخمر " متعلق النهي فيكون الشرب في كل زمان حراما، ويمكن أن يكون مصب العموم نفس الحكم فتكون حرمة الشرب مستمرة في جميع الأزمنة.
فعلى الأول: يكون المرجع عند الشك في التخصيص أو في مقداره هو العموم، فلو شك في حرمة شرب الخمر في زمان المرض أو شك في حرمته في زمان تخفيف المرض بعد العلم بعدم الحرمة في زمان اشتداد المرض يرجع إلى عموم قوله: " لا تشرب الخمر " ولا يجري استصحاب الحرمة في الأول واستصحاب الترخيص في الثاني.
وعلى الثاني: لا يكون المرجع عند الشك في التخصيص أو في مقداره عموم قوله: " لا تشرب الخمر " بل لابد من استصحاب الحرمة في الأول واستصحاب الترخيص في الثاني.
وهذا كله مما لا إشكال فيه، إنما الاشكال فيما هو الصحيح من الوجهين، فقد يقال: إن مصب العموم الزماني في باب النواهي إنما يكون متعلق النهي بتقريب أن تعلق النهي أو النفي بالطبيعة المرسلة بنفسه يقتضي ترك جميع الافراد العرضية والطولية المتدرجة في الأزمنة، لا ترك خصوص الافراد العرضية، فيكون النهي بمدلوله اللفظي يقتضي العموم الزماني، وقد تقدم: أن دليل الحكم إنما يمكن أن يتكفل لبيان العموم الزماني المأخوذ في ناحية المتعلق ولا يمكن أن يتكفل لبيان العموم الزماني المأخوذ في ناحية الحكم، فإذا كان قوله: " لا تشرب الخمر " بنفسه يدل على العموم الزماني، فلابد وأن يكون مصب العموم الزماني شرب الخمر، لا الحرمة.