فتحصل: أنه إذا توافقت شهرة المتأخرين مع شهرة المتقدمين في الفتوى على خلاف ما تقتضيه القاعدة وكان فيما بأيدينا من الكتب - ولو لم تكن من الكتب المعتبرة كدعائم الاسلام والأشعثيات والفقه الرضوي - رواية على فتوى المشهور، فهذه الشهرة تكون مرجحة للرواية إذا كانت معارضة مع غيرها وجابرة لضعف سندها ولو مع عدم المعارضة.
وأما إذا خالفت شهرة المتأخرين مع شهرة المتقدمين في الفتوى - كما اتفق ذلك في عدة مواضع منها جواز الصلاة في السنجاب - فالعبرة إنما تكون بشهرة المتقدمين. ومما ذكرنا ظهر وجه الحاجة إلى تحصيل شهرة المتقدمين على الفتوى، فتأمل جيدا.
الامر الثالث:
قد ذكر الشيخ - قدس سره - للترجيح بمخالفة العامة وجوها أربعة. ولكن الظاهر: رجوع بعضها إلى بعض، فان مرجع كون المخالفة للعامة من حيث نفسها مطلوبة للشارع إلى التعبد بمخالفة العامة، فلا يكون كل منهما وجها على حدة، مضافا إلى أنه لا ينبغي احتمال أن تكون المخالفة لهم من حيث إنها مخالفة مطلوبة، بحيث تلاحظ المخالفة معنى اسميا فيأمر بها عنادا لهم، فان ذلك لا يناسب مذهبنا.
بل التحقيق: أن المخالفة لوحظت معنى حرفيا للوصول إلى الحق، لان الرشد في خلافهم - كما ورد التعليل به في الروايات - ومعنى كون الرشد في خلافهم: هو أن مؤدى الخبر المخالف لهم هو الحق المطابق للواقع، كما يدل عليه جملة من الروايات. وأما بقية الوجوه التي ذكرها الشيخ: فالانصاف أنه لا ينبغي احتمالها في الروايات الواردة في باب الترجيح لاحد المتعارضين، وإن كان يحتمل بعضها في بعض الروايات الواردة في غير باب الترجيح، فراجع.