الباقي تحت العام الذي يكون العام حجة فيه، فلو خصص أحد العامين من وجه بمخصص متصل أو منفصل يسقط عن الحجية في تمام المدلول ويكون حجة فيما عدا عنوان الخاص، فتلاحظ النسبة بينه بمقدار حجيته وبين العام الآخر، ولا محالة تنقلب النسبة من العموم من وجه إلى العموم المطلق.
وبالجملة: انقلاب النسبة بين الأدلة إنما يكون من ثمرات تقديم الخاص على العام وحكومة أصالة الظهور فيه على أصالة الظهور في العام. وبذلك يظهر ضعف ما قيل: من أن النسبة بين الأدلة إنما تكون بما لها من الظهورات والمخصص المنفصل لا يزاحم الظهور وإنما يزاحم الحجية، فالتخصيص بالمنفصل لا يوجب انقلاب النسبة.
هذا، والانصاف: أن هذا الكلام بمكان من الغرابة، فإنه لا معنى لملاحظة النسبة بين ظهور كلامين لا يجوز العمل على أحدهما، فالقول بعدم انقلاب النسبة عند التخصيص بالمنفصل يساوق القول بعدم حجية المخصص المنفصل، فتأمل جيدا.
تكملة:
ينبغي تتميم البحث في المقام بالإشارة إلى بيان النسبة بين أدلة ضمان العارية، وقد كثر الكلام فيها. والأدلة الواردة في باب العارية على طوائف أربع:
منها: ما يدل بعمومه أو إطلاقه على عدم ضمان العارية مطلقا، كرواية مسعدة بن زياد عن جعفر بن محمد - عليه السلام - قال: سمعته يقول: " لا غرم على مستعير عارية إذا هلكت أو سرقت أو ضاعت إذا كان المستعير مأمونا " (1).