نحو تصرف في عالم التشريع في عقد وضع الآخر - كما هو الغالب - مع بقاء الموضوع في عالم التكوين على حاله، ولذلك كانت نتيجة الحكومة هي التخصيص كما أن نتيجة الورود هي التخصص، وقد تقدم تفصيل الفرق بين التخصيص والورود والحكومة والتخصص في أول مبحث البراءة وأشرنا إليه أيضا في خاتمة الاستصحاب.
وإجمال الفرق بين هذه العناوين: هو أن التخصص عبارة عن " خروج الشئ عن موضوع الدليل بذاته تكوينا " كخروج الجاهل عن قوله: " أكرم العلماء " وكخروج العالم بالحكم الشرعي عن موضوع التعبد بالامارات والأصول العملية.
وأما الورود: فهو عبارة عن " خروج الشئ عن موضوع أحد الدليلين حقيقة بعناية التعبد بالآخر " كخروج الشبهة عن موضوع الأصول العقلية بالتعبد بالامارات والأصول الشرعية، فالورود يشارك التخصص في كون الخروج في كل منهما يكون على وجه الحقيقة، إلا أن الخروج في التخصص يكون بذاته تكوينا بلا عناية التعبد، وفي الورود يكون بعناية التعبد.
وأما الحكومة: فقد عرفت أنها عبارة عن " تصرف أحد الدليلين في موضوع الآخر رفعا أو وضعا ولكن لا حقيقة بل حكما " ففي الحقيقة دليل الحاكم إنما يتصرف فيما يتكفله دليل المحكوم من الحكم الشرعي بعناية التصرف في الموضوع.
وأما التخصيص: فهو عبارة عن " سلب الحكم عن بعض أفراد موضوع العام بلا تصرف في الموضوع " فالتخصيص يشارك الحكومة في كون التصرف في كل منهما إنما يكون في الحكم الشرعي، إلا أن التصرف في الحكومة إنما يكون بتوسط التصرف في الموضوع، وفي التخصيص يكون التصرف ابتداء في الحكم، ولأجل ذلك لا تلاحظ النسبة بين دليل الحكام والمحكوم ولا قوة الظهور وضعفه، بل يقدم الحاكم ولو كانت النسبة بينه وبين المحكوم العموم من وجه