الاخذ بقاعدة " العدل والانصاف " من التثليث والتنصيف والتربيع حسب اختلاف الموارد والدعاوي (1) كما في موارد اختلاف البينات عند تردد الموضوع بين الشخصين أو الأشخاص، فان المتحصل من مجموع الأخبار الواردة في ذلك وفي باب الدرهم الودعي هو الاخذ بما يقتضيه العدل والانصاف. وقد تقتضي الوظيفة إخراج الموضوع المشتبه بالقرعة.
وكذا الحال فيما إذا كان الموضوع متعلقا لحق الله، فان الوظيفة قد تقتضي الاحتياط، وقد تقتضي التخيير، وقد تقتضي القرعة. والانصاف: أن تشخيص موارد القرعة عن موارد الاحتياط والتخيير وقاعدة العدل والانصاف في غاية الاشكال، ولذلك قيل: " إن العمل بالقرعة إنما يكون في مورد عمل الأصحاب ولا يجوز الاخذ بعموم أخبارها " فإنه عند اشتباه الموطوء بغيره في الغنم تجري فيه القرعة - كما ورد به النص - وأما عند اشتباه الحرام بغيره في غير الموطوء لا تجري فيه القرعة، مع أن الفرق بينهما غير واضح. ولابد من التأمل التام والمراجعة في كلمات الاعلام.
وعلى كل حال: قد عرفت أن المورد الذي يجري فيه الاستصحاب لا تجري فيه القرعة، وبالعكس، فلا يمكن أن يعارض أحدهما الآخر حتى نحتاج إلى ملاحظة النسبة بينهما.
وأما نسبة الاستصحاب مع سائر الأصول العملية - من البراءة والتخيير والاحتياط وقاعدة الحل والطهارة - فقد تقدم: أن الاستصحاب يكون واردا على الأصول العقلية وحاكما على الأصول الشرعية، لأنه من الأصول المحرزة المتكفلة للتنزيل، ولذلك يقوم مقام القطع الطريقي، فيكون الاستصحاب رافعا لموضوع الأصول العقلية حقيقة بالورود ولموضوع الأصول الشرعية بالحكومة.