والأمثلة التي ذكرها الشيخ - قدس سره - لخفاء الواسطة، لا تخلو: إما أن لا تكون فيها واسطة عقلية أو عادية، وإما أن لا يجري الأصل فيها لاثبات الحكم المترتب على الواسطة.
أما ما ذكره: من استصحاب رطوبة النجس من المتلاقيين مع جفاف الآجر لاثبات نجاسة الطاهر منهما، مع أن مجرد ملاقاة النجس الرطب للطاهر الجاف لا يكفي في نجاسة الطاهر ما لم تسر النجاسة من النجس إليه وينتقل أجزاء مائية نجسة إلى الطاهر ففيه (1) أن في باب ملاقاة الطاهر للنجس إما أن نقول: إنه يكفي في نجاسة الطاهر مجرد مماسته للنجس الرطب وإما أن نقول: بأنه لا يكفي ذلك بل لابد في الحكم بنجاسة الطاهر من انتقال النجاسة من النجس إليه.
فإن قلنا بالأول: فالمثال يندرج في باب الموضوعات المركبة المحرزة بعض أجزائها بالوجدان والآخر بالأصل، ولا يتخلل بين الموضوع والأثر الشرعي واسطة أصلا لا خفية ولا جلية، فان المفروض: أن الحكم بنجاسة الطاهر مترتب على نفس ملاقاته للنجس الرطب، فباستصحاب بقاء الرطوبة في الجسم النجس يحرز أحد جزئي الموضوع والجزء الآخر وهو المماساة محرز بالوجدان فيحكم بنجاسة الطاهر.
وإن قلنا بالثاني: فاستصحاب بقاء الرطوبة في الجسم النجس لا أثر له لأنه لا يثبت التأثير والتأثر وانتقال النجاسة من النجس إلى الطاهر لان ذلك من اللوازم العقلية لبقاء الرطوبة في أحد المتلاقيين، فالواسطة جلية ويكون من أردء أنحاء الأصل المثبت، فأي فرق بين المثال وبين استصحاب بقاء الماء في الحوض والحكم بطهارة الثوب المغسول به؟ مع أنه من المتفق عليه كونه من