الناسي ويدخل في عنوان الذاكر، فلا يمكن أن يكون هذا الخاطب محركا لعضلات المكلف، لان الالتفات إلى ما اخذ عنوانا للمكلف مما لابد منه في الانبعاث وانقداح الإرادة، فالمستطيع لو لم يجد نفسه مستطيعا لا يكاد يمكن أن يكون الخطاب بالحج محركا لإرادته نحوه، وحينئذ يقع البحث في أنه كيف يتصور ثبوتا تكليف الناسي بما عدا الجزء المنسي؟.
وما قيل أو يمكن أن يقال في تصوير ذلك أحد وجوه ثلاثة:
الأول: ما حكاه شيخنا الأستاذ - مد ظله - عن تقريرات بعض الأجلة لبحث الشيخ - قدس سره - في مسائل الخلل، وهو إلى الآن لم يطبع، وحاصله:
يرجع إلى إمكان أخذ الناسي عنوانا للمكلف وتكليفه بما عدا الجزء المنسي، بتقريب: أن المانع من ذلك ليس إلا توهم كون الناسي لا يلتفت إلى نسيانه في ذلك الحال فلا يمكنه امتثال الامر المتوجه إليه، لان امتثال الامر فرع الالتفات إلى ما اخذ عنوانا للمكلف. ولكن يضعف ذلك: بأن امتثال الامر لا يتوقف على أن يكون المكلف ملتفتا إلى ما اخذ عنوانا له بخصوصه، بل يمكن الامتثال بالالتفات إلى ما ينطبق عليه من العنوان ولو كان من باب الخطأ في التطبيق، فيقصد الامر المتوجه إليه بالعنوان الذي يعتقد أنه واجد له وإن أخطأ في اعتقاده، والناسي للجزء حيث لم يلتفت إلى نسيانه بل يرى نفسه ذاكرا فيقصد الامر المتوجه إليه بتخيل أنه أمر الذاكر، فيؤول إلى الخطأ في التطبيق، نظير قصد الامر بالأداء والقضاء في مكان الآخر، فأخذ " الناسي " عنوانا للمكلف أمر بمكان من الامكان ولا مانع عنه لا في عالم الجعل والثبوت ولا في عالم الطاعة والامتثال.
هذا، ولكن لا يخفى ما فيه (1) فإنه يعتبر في صحة البعث والطلب أن يكون