فوائد الأصول - الشيخ محمد علي الكاظمي الخراساني - ج ٤ - الصفحة ٢١١
الناسي ويدخل في عنوان الذاكر، فلا يمكن أن يكون هذا الخاطب محركا لعضلات المكلف، لان الالتفات إلى ما اخذ عنوانا للمكلف مما لابد منه في الانبعاث وانقداح الإرادة، فالمستطيع لو لم يجد نفسه مستطيعا لا يكاد يمكن أن يكون الخطاب بالحج محركا لإرادته نحوه، وحينئذ يقع البحث في أنه كيف يتصور ثبوتا تكليف الناسي بما عدا الجزء المنسي؟.
وما قيل أو يمكن أن يقال في تصوير ذلك أحد وجوه ثلاثة:
الأول: ما حكاه شيخنا الأستاذ - مد ظله - عن تقريرات بعض الأجلة لبحث الشيخ - قدس سره - في مسائل الخلل، وهو إلى الآن لم يطبع، وحاصله:
يرجع إلى إمكان أخذ الناسي عنوانا للمكلف وتكليفه بما عدا الجزء المنسي، بتقريب: أن المانع من ذلك ليس إلا توهم كون الناسي لا يلتفت إلى نسيانه في ذلك الحال فلا يمكنه امتثال الامر المتوجه إليه، لان امتثال الامر فرع الالتفات إلى ما اخذ عنوانا للمكلف. ولكن يضعف ذلك: بأن امتثال الامر لا يتوقف على أن يكون المكلف ملتفتا إلى ما اخذ عنوانا له بخصوصه، بل يمكن الامتثال بالالتفات إلى ما ينطبق عليه من العنوان ولو كان من باب الخطأ في التطبيق، فيقصد الامر المتوجه إليه بالعنوان الذي يعتقد أنه واجد له وإن أخطأ في اعتقاده، والناسي للجزء حيث لم يلتفت إلى نسيانه بل يرى نفسه ذاكرا فيقصد الامر المتوجه إليه بتخيل أنه أمر الذاكر، فيؤول إلى الخطأ في التطبيق، نظير قصد الامر بالأداء والقضاء في مكان الآخر، فأخذ " الناسي " عنوانا للمكلف أمر بمكان من الامكان ولا مانع عنه لا في عالم الجعل والثبوت ولا في عالم الطاعة والامتثال.
هذا، ولكن لا يخفى ما فيه (1) فإنه يعتبر في صحة البعث والطلب أن يكون

(1) أقول: ما أفيد تمام لو كان عنوان " الناسي " من شرائط توجيه التكليف إلى نفسه بأن يكون بنفسه موضوع الخطاب المستقل، كما هو ظاهر مقالته.
ولنا بيان آخر، وهو أن موضوع الخطاب يمكن كونه هو المكلف وأن النسيان مأخوذ في خصوصية فرده المتقوم به فردية صلاته بالناقص وأن الامر متعلق بالجامع بين الزائد والناقص، غايته كل طائفة مختص بصدور فرد خاص من الزائد في الذاكر والناقص في الساهي، ففي مثل هذه الصورة كل من الذاكر والناسي لا يقصد إلا الامر بالجامع، فلا قصور حينئذ لدعوة الامر بالجامع للناسي مع غفلته عن نسيانه المأخوذ في لسان الخطاب لبيان أفراد المكلفين بالامر بالطبيعة، كما لا يخفى.
(٢١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 ... » »»
الفهرست