فوائد الأصول - الشيخ محمد علي الكاظمي الخراساني - ج ٤ - الصفحة ٢٢٢
الذكر.
وأما الدفع: فقد تقدم في مبحث البراءة عند التعرض لمفاد الحديث المبارك شطر من الكلام في عدم صحة التمسك بالحديث لرفع الجزئية في حال النسيان، وإجماله: هو أنه يعتبر في جواز التمسك بحديث الرفع أمور:
الأول: أن يكون المرفوع شاغلا لصفحة الوجود، بحيث يكون له نحو تقرر في الوعاء المناسب له: من وعاء التكوين أو وعاء التشريع (1) فإنه بذلك يمتاز الرفع عن الدفع، حيث إن الدفع إنما يمنع عن تقرر الشئ خارجا وتأثير المقتضي في الوجود، فهو يساوق المانع، وأما الرفع فهو يمنع عن بقاء الوجود ويقتضي إعدام الشئ الموجود عن وعائه. نعم: قد يستعمل الرفع في مكان الدفع وبالعكس، إلا أن ذلك بضرب من العناية والتجوز، والذي تقتضيه الحقيقة: هو استعمال الدفع في مقام المنع عن تأثير المقتضي في الوجود، واستعمال الرفع في مقام المنع عن بقاء الشئ الموجود.
الامر الثاني: أن يكون المرفوع مما تناله يد الرفع التشريعي، إما بنفسه إذا كان المرفوع من الأحكام الشرعية، وإما بأثره إذا كان من الموضوعات الخارجية التي رتب عليها آثار شرعية، كحياة زيد وموت عمرو.
الامر الثالث: أن يكون في رفعه منة وتوسعة على المكلفين، فان الحديث المبارك ورد مورد الامتنان، فلابد من اقتضاء الرفع التوسعة والتسهيل، لا الكلفة والتضييق.
إذا عرفت ذلك: فاعلم أن الظاهر الأولي من قوله - صلى الله عليه وآله

(1) أقول: بعد الجزم بشمول الخبر الشريف للعناوين المتصلة بالبلوغ يقطع بعدم كون المراد من " الرفع " معناه الحقيقي، فلابد وأن يحمل على الأعم من الدفع، ولو بعناية اعتبار الوجود للشئ بلحاظ وجود مقتضيه، نظير شرط السقوط في متن العقد، فإنه أيضا بهذه العناية، وحينئذ لا يبقى مجال لهذه المقدمة أصلا. وإلى ما ذكرنا أيضا أشار شيخنا العلامة في رسائله، فراجع.
(٢٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 ... » »»
الفهرست