على عدم وجوب الجمع بينهما، كما في بعض فروع زكاة المواشي، كما لو كان المكلف مالكا لخمس وعشرين من الإبل في ستة أشهر ثم ملك واحدا آخر من الإبل وصارت ستة وعشرين، فمقتضى أدلة الزكاة هو وجوب خمس شياه عند انقضاء حول الخمس والعشرين ووجوب بنت مخاض عند انقضاء حول الستة والعشرين، ولكن قام الدليل على أن المال لا يزكى في المقام الواحد مرتين، فيقع التزاحم حينئذ بين الحكمين، لأنه لابد من سقوط ستة أشهر إما من حول الخمس والعشرين وإما من حول الستة والعشرين، فإنه لولا السقوط وبقاء كل حول منهما على حاله يلزم تزكية المال في ظرف ستة أشهر مرتين، كما لا يخفى.
وبالجملة: وقوع التزاحم بين الحكمين لا يختص بصورة عدم القدرة على الجمع بينهما في الامتثال، بل قد يتفق التزاحم بين الحكمين مع التمكن من الجمع بينهما، إلا أن ذلك نادر، والغالب أن يكون التزاحم لعدم القدرة على الجمع بين المتزاحمين، وأقسامه خمسة.
فان التزاحم تارة: يكون لأجل اتفاق اتحاد متعلق الحكمين في الوجود مع كونهما متغايرين بالذات ومختلفين في الهوية، بحيث يكون الاتحاد بينهما من قبيل التركيب الانضمامي - نظير تركب الجسم من المادة والصورة - وعلى ذلك يبتني جواز اجتماع الأمر والنهي ويندرج مورد تصادق متعلق الأمر والنهي في صغرى التزاحم، كما هو المختار. وأما لو كان التركيب بين المتعلقين اتحاديا - نظير التركيب من الجنس والفصل - وكان أحد المتعلقين متحدا مع الآخر بالهوية والذات ولو في الجملة وفي بعض الموارد، فلا يكون من باب التزاحم، بل