- التنبيه السابع - قد تقدم أنه لا مجال للاشكال في جريان استصحاب بقاء الحكم عند الشك في النسخ، من غير فرق بين أحكام هذه الشريعة المطهرة وبين أحكام الشرايع السابقة، فكما يجري استصحاب بقاء الحكم عند الشك في نسخ حكم من أحكام هذه الشريعة، كذلك يجري استصحاب بقاء حكم الشرايع السابقة عند الشك في نسخه، وقد يمنع عن جريان استصحاب بقاء أحكام الشرايع السابقة لوجهين:
الأول: دعوى اختلاف الموضوع، فان المكلف بأحكام كل شريعة إنما هو المدرك لتلك الشريعة، والذين أدركوا الشرايع السابقة قد انقرضوا، فلا يجري الاستصحاب في حق من أدرك هذه الشريعة ولم يدرك الشرايع السابقة.
الوجه الثاني: دعوى العلم الاجمالي بطرو النسخ لاحكام الشرايع السابقة، فإنه لو لم نقل أن هذه الشريعة المطهرة قد نسخت جميع أحكام الشرايع السابقة فلا أقل من كونها ناسخة لبعضها، والعلم الاجمالي يمنع عن جريان الأصول في الأطراف. هذا، ولكن لا يخفى ما في كلا الوجهين من النظر.
أما الوجه الأول: ففيه أن توهم اختلاف الموضوع مبني على أن تكون المنشآت الشرعية أحكاما جزئية بنحو القضايا الخارجية، فيكون كل فرد من أفراد المكلفين موضوعا مستقلا قد أنشأ في حقه حكم يختص به ولا يتعداه، فتستقيم حينئذ دعوى كون الموضوع لاحكام الشرايع السابقة هو خصوص آحاد المكلفين الذين أدركوا تلك الشرايع. ولكن كون المنشآت الشرعية أحكاما جزئية بمراحل عن الواقع ولا يمكن الالتزام به، فإنه يلزم أن تكون الأدلة الواردة في الكتاب والسنة كلها أخبارا عن إنشاءات لاحقة عند وجود آحاد المكلفين بعدد أفرادهم، وهو كما ترى!.