ثم إن وجوب تقديم العمل بمؤدى الحجة على الاحتياط إنما هو فيما إذا كانت الحجة محرزة للواقع: من امارة أو أصل تنزيلي.
وأما إذا كانت غير محرزة - كالأصول الغير التنزيلية - فلا يجب تقديم العمل بمؤداها على الاحتياط: إذ ليس مفاد الأصل الغير المحرز ثبوت المؤدى واقعا ولا إلقاء احتمال الخلاف، بل مفاد اعتباره مجرد تطبيق العمل على مؤداه والجري على ما يقتضيه، وتطبيق العمل على المؤدى لا ينافي رعاية احتمال الخلاف والعمل بما يوجب إحراز الواقع، قدمه على العمل بمؤدى الأصل أو أخره.
هذا كله في الحجة التي قام الدليل على اعتبارها بالخصوص. وأما إذا كان اعتبارها بدليل الانسداد المستنتج منه حجية مطلق الظن، فان قلنا بالكشف فحكمه حكم الامارة والأصل المحرز: من وجوب تقديم العمل بمؤدى الظن على العمل بالاحتياط، وإن قلنا بالحكومة فحكمه حكم الأصل الغير المحرز: من عدم وجوب ذلك، ولا يخفى وجهه.
إزاحة شبهة:
قد خالف في حسن الاحتياط في العبادات جملة من الفقهاء تبعا لقاطبة المتكلمين، بتوهم: أن الاحتياط فيها يستلزم الاخلال بقصد الوجه المعتبر في العبادة، وعلى هذا بنوا بطلان عبادة تارك طريقي الاجتهاد والتقليد والعمل